وجل : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠] ، وقال : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم : ٤٧] ، (كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس : ١٠٣].
مجموعة من المفاهيم الأصولية
الهدى
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه :
الهدى من الله عزوجل هديان : هدى مبتدأ ، وهدى مكافأة.
فأما الهدى المبتدأ : فقد هدى الله به البرّ والفاجر ، وهو العقل والرسول والكتاب. فمن أنصف عقله وصدق رسوله وآمن بكتابه وحلل حلاله وحرم حرامه ؛ استوجب من الله الزيادة بالهدى الثاني ؛ جزاء على عمله ، ومكافأة على فعله ، كما قال عزوجل : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) [محمد : ١٧] ، وقال : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) [مريم : ٦٧].
ومن كابر عقله وكذب رسوله ورد كتابه ؛ استوجب من الله الخذلان ، وتركه من التوفيق والتسديد ، وأضله وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ، وذلك قوله تبارك وتعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) عني الهدى الثاني ، (وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ) ، يقول : ومن يرد أن يوقع اسم الضلال عليه ، بعد أن استوجب بفعله القبيح : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ١٢٥] ، فقد بين عزوجل في آخر الآية أنه لم يضله ، ولم يضيق صدره إلا بعد عصيانه وكفره وضلاله ؛ لأنه يقول : (كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) ، ولم يقل إنه يجعل الرجس على الذين آمنوا.
ثم قال : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً) [الجاثية : ٢٣] ، (كما اتخذ إلهه هواه أوقع عليه اسم الضلال ، وسماه ودعاه بعد أن اتخذ إلهه هواه وختم على سمعه) ، وتركه من التوفيق والتسديد وخذله ، ولم يؤيده ولم يسدده كما أيد وسدد الذي عبده ، عزوجل.