ثم قال : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [النحل : ٩٣ ، فاطر : ٨].
ثم قال : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) [البقرة : ٢٦] ، وقال : (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) [غافر : ٧٤] ، (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) [غافر : ٣٤] ، (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر : ٣٥].
الضلال
قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه :
الضلال في كتاب الله عزوجل على وجوه :
فوجه منها : قول الله تبارك وتعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) [الفاتحة : ٥] ، يقول : إنهم ضلوا عن سواء السبيل ، وهم النصارى.
والوجه الثاني : قوله سبحانه : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) [الضحى : ٧] ، يقول عن شرائع النبوة ، فهداك الله.
وقال موسى : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) [الشعراء : ٢٠] ، يقول : من الجاهلين بعاقبة فعلي. وقال أولاد يعقوب : (إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [يوسف : ٨] ، يقولون : جاهل عند ما يؤثر يوسف علينا ، ونحن أنفع له من يوسف صلى الله عليه.
والوجه الثالث : قوله : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) [البقرة : ٢٨٢] ، أي تنسى إحداهما الشهادة فتذكر إحداهما الأخرى.
والوجه الرابع : قوله : (أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) [محمد : ١ ، ٨] ، يقول : أبطل أعمالهم.
والوجه الخامس : قوله سبحانه ، في قصة فرعون والسامري ، حيث يقول : (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى) [طه : ٧٩] ، يقول : أغواهم وأرداهم ولم يرشدهم.
والوجه السادس : قوله سبحانه : (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) [الجاثية : ٢٣] ، وقوله : (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [النحل : ٩٣ ، فاطر : ٨] ، و (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) [إبراهيم : ٢٧] ، و (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) [غافر : ٣٤] ، ونحو هذا في القرآن كثير ، يعني في جميع ذلك : أنه يوقع عليه اسم الضلال ، ويدعوه به بعد العصيان والطغيان ، لا أنه يغويهم عن الصراط المستقيم ، كما أغوى وأضل فرعون قومه.