ثم قال : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) ، يقول : ثواب ربه ، (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) [الكهف : ١١٠] ، وقال : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين : ١٥].
وأما الله عزوجل فلا يرى في الدنيا ولا في الآخرة ، وذلك أن ما وقع عليه البصر فليس بخالق ولا قادر.
وكذلك يأخذ الإنسان في العدل والتوحيد بهذه الآيات : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) [الأعراف : ٢٨] ، (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) [الزمر : ٧] ، وإذا مر عليه شيء من القرآن يقع عنده أنه مخالف لهذه الآية فليعلم أن تفسيره مثل تفسير المحكم ، إلا أنه جهل تفسيره ، مثل قول الله عزوجل : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) [الإسراء : ٤] ، أي : تختارون اسم الفساد ، كما قال : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) [الحجر : ٦٦] ، يقول : أعلمناه.
والوجه الثاني في القضاء : أمر ، كما قال سبحانه : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣].
والوجه الثالث : قضاء خلق ، وذلك قوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت : ١٢] ، يقول : خلقهن في يومين ، فأما أن يكون يقضي رب العالمين على خلقه بمعصية ثم يعذبهم عليها ، فهذا محال باطل من المقال.
ثم قال : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) [المائدة : ٦٠] ، فتفسيرها على التقديم والتأخير. يقول : قل هل أنبّئكم بشرّ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وعبد الطّاغوت أولئك شرّ مكانا ، وجعل منهم القردة والخنازير خارج من الكلام.
ثم قال : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) ، بيانها في أولها حيث يقول : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة : ٤١] ، بعد ما كان من عصيانهم ، ومن مخالفتهم للحق وأهله.
ثم قال عزوجل : (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ