الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) [يونس : ٨٨] ، يقول : آتيتهم يا رب هذه الأموال والأبدان والخيل والرجال ـ يعني أنه خلقهم لا أنه ملكهم ـ (رَبَّنا لِيُضِلُّوا) ، يقول : لئلا يضلوا عن سبيلك ، فضلوا وصرفوا نعمتك التي أمرتهم أن يصرفونها في طاعتك لا في معصيتك ، فعند ما فعلوا ذلك (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا) ، يقول : إنهم لا يؤمنون اختيارا من أنفسهم المعصية والكفر.
ثم قال : (إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) [الأعراف : ١٥٥] ، يقول : إن هي إلا محنتك ، (تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ) ، يقول : توقع اسم الضلال على من يستحقه بعد هذه الفتنة ، قامت بها مقام بعد.
وقال : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) [الرعد : ٦] ، يقول بعد ظلمهم إذا تابوا ، وقال : (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] ، يقول : على جذوع النخل ، قامت (في) مقام (على) ، وقال : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ) ، يقول على القوم (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) [الأنبياء : ٧٧].
وقال : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) [يوسف : ٨٢] ، يقول أهل القرية وأهل العير. وقال : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) [آل عمران : ١٧٥] ، يقول : يخوف الناس بأوليائه ، وقال : (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) ، يقول : يحبون أندادهم كحب المؤمنين لله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) [البقرة : ١٦٥]. وقال : (يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ) [النساء : ٧٧] ، يقول : يخشون الناس كخشية المؤمنين لله.
وقال : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [الحاقة : ١٧] ، والعرش فهو : الملك ، كما قال : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) [النمل : ٢٦] ، قال الشاعر :
تداركتما عبسا وقد ثل عرشها |
|
وذبيان قد زلت بأقدامها النعل |
يقول : إنه انهد عزها وملكها ، ومعنى يحمل : يتقلدون أمر الله ونهيه في خلقه ، كما قال : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت : ١٣] ، يقول : يتقلدون أمورهم ، وقال :
حمّلت أمرا جليلا فاضطلعت به |
|
وقمت فيه بحق الله يا عمرا |