العلم وأهل الذكر ، الذين بهم وحّد الرحمن ، وفي بيتهم نزل القرآن ، والفرقان ، ولديهم التأويل والبيان ، وبمفاتيح منطقهم نطق كل لسان ، وبذلك حث عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقوله : «إني تارك فيكم الثقلين لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، مثلهم (٥٥) فيكم كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق وهوى.» فقد أصبحوا عندي بحمد الله مفاتيح الهدى ، ومصابيح الدجى ، لو طلبنا شرق الأرض وغربها لم نجد في الشرف مثلهم. فأنا أقفو آثارهم ، وأتمثل مثالهم ، وأقول بقولهم ، وأدين بدينهم ، وأحتذي بفعلهم.
من عناصر الإيمان
العمل من الإيمان والإيمان من العمل بمنزلة الروح من الجسد ، يزيد وينقص : بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة ، وبزيادته تفاضلوا في الدرجات عند الله ، وبالنقصان منه دخل المقصرون النار. وأنا مؤمن بقضاء الله وقدره ، ما كرهت نفسي من ذلك وما رضيت ، ومقر بأن القرآن كلام الله ووحية ، وتنزيله وحجته على خلقه ، أحكم تأليفه إحكاما ، وأنشأه بأحسن الإنشاء ؛ فجعله برهانا وتفصيلا ، سماه قرآنا عربيا لقوم يعقلون ، وأدين بأن المقاييس والرأي في الدين دين إبليس اللعين.
وأشهد أن لله المشيئة في جميع أفعاله ، من زيادة ذلك ونقصانه ، ومحوة وإثباته.
وأشهد أن الله تبارك وتعالى لم يقطع وحيه ، ولم يقبض نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى أكمل دينه ، وبين له جميع ما يحتاج إليه من الحلال والحرام ، والفرائض والأحكام ، والمواريث والأقسام ، وجميع ما فيه النجاة من النيران ، والوصول إلى دار السلام. وكذلك أشهد أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكتم شيئا من الحق ، بل أدّى عن الله الصدق ، ونهى عن الكذب ، والفسق ، والكفر ، والظلم ، والجور ، والبغي ، وكل ما
__________________
(٥٥) في (د) : مثلهما.