الماضي ، قووا وطغوا ، وكان تاج الدّولة تتش قد استولى على فلسطين وغيرها ، وانتزع البلاد من نوّاب بني عبيد ، فأقطع الأمير سقمان بن أرتق التّركيّ بيت المقدس ، فرتّبه وحصّنه ، فسار الأفضل بن بدر أمير الجيوش ، فحاصر الأمير سقمان وأخاه إيلغازي (١) ، ونصبوا على القدس نيّفا وأربعين منجنيقا ، فهدموا في سوره.
ودام الحصار نيّفا وأربعين يوما ، وأخذوه بالأمان في شعبان سنة تسع (٢) وثمانين (٣).
وأنعم الأفضل على سقمان وأخيه ، وأجزل لهم الصّلات (٤). فسار سقمان واستولى على الرّها ، وذهب أخوه إلى العراق. وولّي على القدس افتخار الدّولة ، فدام فيه إلى هذا الوقت.
وسارت جيوش النّصرانيّة من حمص ، ونازلت عكّا أيّاما ، ثمّ ترحّلوا وأتوا القدس ، فحاصروه شهرا ونصف ، ودخلوا من الجانب الشّماليّ ضحوة نهار الجمعة لسبع بقين من شعبان ، واستباحوه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
واحتمى جماعة ببرج داود ، ونزلوا بعد ثلاث بالأمان ، وذهبوا إلى عسقلان (٥).
[رواية ابن الأثير عن دخول الإفرنج بيت المقدس]
قال ابن الأثير : (٦) قتلت الإفرنج بالمسجد الأقصى ما يزيد على سبعين
__________________
(١) في الأصل : «بلغازي» ، والتصحيح من الكامل ١٠ / ٢٨٣.
(٢) في الأصل : «تسعة».
(٣) تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٦٠ (وتحقيق سويّم) ٢٦ ، أخبار مصر لابن ميسر ٢ / ٣٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٢ ، ٢٨٣ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١.
(٤) في الأصل : «الصلاة».
(٥) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٧ ، تاريخ الفارقيّ ٧٢٦٨ الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٣ ، أخبار الدول المنقطعة لابن ظافر ٨٢ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٧ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١١ ، دول الإسلام ٢ / ٢١ ، تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢١ ، تاريخ سلاطين المماليك ٢٢٩ ، ٢٣٠ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٢٤.
(٦) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٣ ، ٢٨٤.