قال ابن الأثير (١) : فأعادوا الرّسول بالجواب ، ولم يعلم المصريّون بشيء ، فبادروا السّلاح والخيل ، وأعجلتهم الإفرنج فهزموهم ، وقتلوا منهم من قتل ، وغنموا خيامهم بما فيها. ودخل الأفضل عسقلان ، وتمزّق أصحابه. فحاصرته الإفرنج بعسقلان ، فبذل لهم ذهبا كثيرا ، فردّوا إلى القدس (٢).
قال أبو يعلى ابن القلانسيّ (٣) : قتلوا بالقدس خلقا كثيرا ، وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم (٤) ، وهدموا المشاهد.
[ابتداء دولة محمد بن ملك شاه]
وفيها ابتداء دولة محمد بن ملك شاه. لمّا مات أبوه ببغداد سار مع أخيه محمود والخاتون تركان إلى أصبهان. ثمّ إنّ أخاه بركياروق أقطعه كنجة (٥) ، وجعل له أتابكا ، فلمّا قوي محمد قتل أتابك قتلغ تكين ، واستولى على مملكة أرّان ، وطلع شهما شجاعا مهيبا ، قطع خطبة أخيه ، واستوزره مؤيّد الملك عبد الله ابن نظام الملك (٦). فإنّه التجأ إليه بعد قتل مخدومه أنر (٧).
واتّفق قتل مجد الملك الباسلانيّ (٨) ، واستيحاش العسكر من بركياروق ، ففارقوه وقدموا على محمد ، وكثر عسكره ، فطلب الرّيّ. وعرّج أخوه إلى أصبهان ، فعصوا عليه ، ولم يفتحوا له. فسار إلى خوزستان.
وأمّا محمد فاستولى على الرّيّ وبها زبيدة والدة السّلطان بركياروق ،
__________________
(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٨٦.
(٢) تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٥ ، الجوهر الثمين ١٩٩ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٤٩ ، الإعلام والتبيين ١٢ ، أعمال الفرنجة ١٢٤.
(٣) في ذيل تاريخ دمشق ١٣٧.
(٤) دول الإسلام ٢ / ٢١ ، الإعلام والتبيين ١٢.
(٥) في المنتظم : «جنزة» وهما واحد. وفي الطبعة الجديدة «كنجة» دون الإشارة إلى ما ورد في الطبعة الأولى.
(٦) المنتظم ٩ / ١٠٩ (١٧ / ٤٨) ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٢ ، العبر ٣ / ٣٣٣ ، دول الإسلام ٢ / ٢١ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٢.
(٧) في الأصل : «أنز» ، وفي نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٢ : «أتسز».
(٨) في الكامل ١٠ / ٢٨٨ «البلاساني» ، والمثبت يتفق مع : نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٢ ، والأصل. وفي تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٢ «البارسلاني» ، و ٥ / ٢٢ كما هو مثبت أعلاه.