وكان على ميمنة بركياروق كوهرائين (١) ، والأمير صدقة ، وعلى ميسرته كبربوقا صاحب الموصل. فهزم كوهرائين ميسرة محمد ، وهزم أمير آخر بميسرة محمد ميمنة بركياروق ، فعاد كوهرائين فكبا به الفرس ، فأتاه فارس فقتله ، وانهزمت عساكر بركياروق وذلّ ، وبقي في خمسين فارسا (٢). وأسر وزيره الجديد الأعزّ أبو المحاسن ، فبالغ مؤيّد الملك وزير محمد في احترامه ، وكفّله عمادة بغداد ، وإعادة الخطبة لمحمد ، فساق إلى بغداد ، وخطب لمحمد ثاني مرّة في نصف رجب (٣).
[ترجمة سعد الدولة كوهرائين]
وكان سعد الدّولة كوهرائين خادما كبيرا محتشما ، ولي بغداد وخدم ملوكها ، ورأى ما لم يره أمير من نفوذه الكلمة والعزّ. وكان حليما كريما حسن السّيرة. وكان خادما تركيّا للملك أبي كاليجار ابن سلطان الدّولة بن بهاء الدّولة بن عضد الدّولة ابن بويه. وبعث بن أبوه مع ابنه أبي نصر إلى بغداد ، فلم يزل معه حتّى قدم السّلطان طغرلبك بغداد ، فحبسه مع مولاه. ثمّ خدم السّلطان ألب أرسلان ، وفداه بنفسه. وثب عليه يوسف الخوارزميّ ، وكان صاحب صلاة ، وتهجّد ، وصيام ، ومعروف ، رحمهالله (٤).
[مسير بركياروق إلى نيسابور وغيرها]
وأمّا السّلطان بركياروق ، فسار بعد الوقعة إلى إسفرائين ، ثمّ دخل نيسابور ، وضيّق على رؤسائها. وعمل مصافّا مع أخيه سنجر ، فانهزمت الفتيان.
وسار بركياروق إلى جرجان ، ثمّ دخل البرّيّة في عسكر يسير ، وطلب أصبهان ،
__________________
(١) في تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٤ «كوهراس».
(٢) المنتظم ٩ / ١١٣ (١٧ / ٥٣) ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٧ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٥ ، العبر ٣ / ٣٣٥ ، دول الإسلام ٢ / ٢٢.
(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ١٩٤ ، ١٩٥ ، نهاية الأرب ٢٦ / ٣٤٥ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٢ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٣ و ٥ / ٢٣ ، ٢٤ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١١.
(٤) انظر ترجمة (سعد الدولة كوهرائين) في : المنتظم ٩ / ١١٥ ، ١١٦ رقم ١٧٣ (١٧ / ٥٦ ، ٥٧ رقم ٣٦٩٤) ، والكامل في التاريخ ١٠ / ٢٩٥ ، ٢٩٦ ، دول الإسلام ٢ / ٢٢ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٣ و ٥ / ٢٤ وفيه «كوهراس».