هي إلى اليوم لذرّيّته. وقد ساق صاحب «الكامل» (١) أخباره في أماكن ، إلى أن ذكر وفاته ، فحكى أنّ ابن عمّار (٢) طلبه ليكشف عنه الفرنج على مال يعطيه ، وأنّ صاحب دمشق مرض وخاف على دمشق ، فطلبه ليسلّم إليه البلد ، فسار إلى دمشق ليملكها ، ويتجهّز منها لغزو الفرنج ، فأخذته الخوانيق ، وتوفّي بالقريتين ، ونقل فدفن بحصن كيفا.
قال : وأمّا ملكه ماردين فإنّ صاحب الموصل كربوقا قصد آمد ، فجاء سقمان ليكشف عنها ، فالتقوا ، وكان عماد الدّين زنكي بن آقسنقر حينئذ صبيّا مع كربوقا ، فظهر سقمان عليهم ، فألقى الصّبيّ إلى الأرض ، وصاح مماليك أبيه :قاتلوا عن زنكي. فصدقوا حينئذ في القتال ، فانهزم سقمان ، وأسروا ابن أخيه فسجنوه بماردين ، وهي لإنسان مغنّي للسّلطان بركياروق ، غنّاه مرّة ، فأعطاه ماردين ، فمضت زوجة أرتق تسأل لصاحب الموصل أن يطلق الشّابّ من حبس ماردين ، فأطلقه ، فنزل تحت ماردين ، وبقي يفكّر كيف يتملّكها. وكان الأكراد الّذين يجاورونها قد طمعوا في صاحبها المغنّي ، وأغاروا على ضياع ماردين ، فبعث ياقوتي ابن أخي سقمان ، أعني الّذي كان مسجونا بها ، إلى صاحبها يقول : قد صار بيننا مودّة ، وأريد أن أعمّر بلدك ، وأمنع الأكراد منه ، وأقيم في الرّبض.
فأذن له ، فبقي يغير من بلاد خلاط إلى أطراف بغداد ، وصار ينزل معه بعض أجناد القلعة ، وهو يكرمهم ، ويكسبون معه ، إلى أن صار ينزل معه أكثرهم ، فلمّا عادوا من الغارة أمسكهم وقيّدهم ، وساق إلى القلعة ، فنادى أهاليهم : إن فتحتم الباب وإلّا ضربت أعناقهم. فامتنعوا ، فقتل إنسانا منهم ، فسلّموا القلعة إليه. ثمّ جمع جمعا ، وأغار على جزيرة ابن عمر ، فجاء صاحبها جكرمش ، وكان ياقوتي قد مرض ، فأصابه سهم فسقط. وجاء جكرمش ، فوقف عليه وهو يجود بنفسه ، فبكى عليه ، فمضت امرأة أرتق إلى ابنها سقمان ، وجمعت التّركمان ، وطلبت بثأر ابن ابنها ، وحاصر سقمان نصيبين.
__________________
(١) أي ابن الأثير في الكامل في التاريخ.
(٢) هو فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابلس.