الإفرنج إلى الشّام ، فرحلت الإفرنج. ثمّ عاودوه ، فأرجفهم بمجيء [المصريين] ، فرحلوا (١). ثمّ عادوا لحصاره ، فقرّر مع رعيّته النّصارى أن يراسلوا الإفرنج ، ويعدوهم إلى برج ليطلعوا منه ، فبادروا وندبوا ثلاثمائة من شجعانهم ، فلم يزالوا يطلعون في الحبال واحدا واحدا ، وكلّما طلع واحد قتله ابن صليحة ، إلى أن قتلهم أجمعين ، فلمّا طلع الضّوء صفّف الرّؤوس على السّور.
ثمّ إنّهم هدموا برجا ، فأصبح وقد عمله. وكان يخرج من الباب بفوارسه يقاتل. فحملوا مرّة عليه ، فانهزموا ، وجاء النّصر عليه ، وأسر مقدّم الإفرنج.
ثمّ علم ابن صليحة أنّ الإفرنج لا ينامون عنه ، فسلّم البلد إلى صاحب دمشق (٢).
وسار إلى بغداد بأمواله وخزائنه ، وأخذ له السّلطان بركياروق شيئا كثيرا (٣).
[كسرة الإفرنج أمام قلج أرسلان]
وفيها أقبل جيش الإفرنج ، نحو خمسين ألف ، فمرّوا ببلاد قلج أرسلان ،
__________________
(١) الخبر هنا مضطرب وفيه نقص ، وهو في (الكامل في التاريخ ١٠ / ٣١٠) : «وأقام الخطبة العباسية ، فبذل ابن عمّار لدقاق بن تتش مالا ليقصده ويحصره ، ففعل ، وحصره ، فلم يظفر منه بشيء ، وأصيب صاحبه أتابك طغتكين بنشّابة في ركبته وبقي أثرها.
وبقي أبو محمد مطاعا إلى أن جاء الفرنج ، لعنهم الله ، فحصروها. فأظهر أن السلطان بركياروق قد توجّه إلى الشام ، وشاع هذا ، فرحل الفرنج ، فلما تحقّقوا اشتغال السلطان عنهم عاودوا حصاره ، فأظهر أنّ المصريّين قد توجّهوا لحربهم ، فرحلوا ثانيا ، ثم عادوا ..».
وانظر رواية مضطربة أخرى ينقلها ابن تغري بردي عن ياقوت الحموي في (معجم البلدان ٢ / ١٠٥) ، وذكرها في : النجوم الزاهرة ٥ / ١١١ ، وفيها اسم القاضي : «أبو محمد عبد الله بن منصور بن الحسين التنوخي المعروف بابن ضليعة» ، وأنه وثب على جبلة واستعان بالقاضي «جلال الدين» (كذا) ابن عمار صاحب طرابلس فتقوّى به على من بها من الروم ، فأخرجهم منها ونادى بشعار المسلمين ، وانتقل من كان بها من الروم إلى طرابلس فأحسن ابن عمّار إليهم. وصار إلى ابن ضليعة منها مال عظيم القدر.
انظر كتابنا : تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ عبر العصور (الطبعة الثانية) ج ١ / ٣٨٠ ـ ٣٨٢.
(٢) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٣١٠ ، ٣١١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٣ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٥ و ٥ / ٢٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٢.
(٣) ذيل تاريخ دمشق ١٣٩ ، الكامل ١٠٠ / ٣١١ ، مرآة الزمان ج ١٢ ق ٣ / ورقة ٢٣٤ أ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٤ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٥ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٢.