فحشد وجمع وعرض ستّة آلاف فارس ، وعمل له كمينا ، فكسر الإفرنج كسرة مشهورة ، وغنم ما لا يوصف (١).
[جموع الإفرنج حسب وصف المستوفي]
قال «ابن منقذ» : حدّثني محمد المستوفي رسول جناح الدّولة إلى ملك الروم ، أنّهم اعتبروا عدّتهم ، فكانوا ثلاثمائة ألف وخمسة وأربعين ألف إنسان ، ومعهم خمسون حمل ذهب وفضّة وديباج ، فانضاف إليهم الّذين انهزموا من الوقعة المذكورة ، فجمع قلج رسلان التّرك ببلاده ، فزادوا على خمسين ألفا. وغوّر الماء الّذي في طريقهم ، وأحرق العشب ، وأخلى (٢) القرى ، فأقبلوا في أرض بلا ماء ولا مرعى.
[رواية رسول رضوان عن جموع الإفرنج]
قال : حدّثني رسول رضوان إلى ملك الإفرنج طتكين (٣) أنّه اجتمع مع الملك تنين (٤) صاحب هذا الجمع ، فقال : خرجت من بلادي في أربعمائة ألف ، منهم ألفا شرابيّ ، وألف طبّاخ ، وألف فرّاش ، وسبعمائة بغل ديباج ، ومال ، والخيّالة تزيد على خمسين ألفا ، ولمّا سرت عن القسطنطينيّة أيّاما لم أجد مرفقا ، ولا قبلت من صنجيل في هذه الطّريق ، ولا أتمكّن من العودة لضعف النّاس والعطش والجوع ، فعند اليأس خرجت في ثلاثة نفر ، معنا كلاب ديارات ، وأوهمت أنّي أتصيّد ، وسرت إلى البحر ، ونزلت في مركب ، وتركت العسكر. وبلغني أنّ التّرك دخلوه ، فلم يمنع أحد عن نفسه ، وهلكوا بالموت والقتل. وغنم التّركمان ما لا يوصف. ثمّ سار تنين وحجّ القدس ، ورجع إلى بلاده في الفجر.
__________________
(١) يذكر النويري في حوادث سنة ٤٩٥ ه. أن صنجيل لقي الملك قلج أرسلان صاحب قونية ، وصنجيل في مائة ألف مقاتل وقلج في عدد يسير ، واقتتلوا ، فانهزم الفرنج وأسر كثير منهم ، وفاز قلج بالظفر والغنيمة. ومضى صنجيل مهزوما في ثلاثمائة. (نهاية الأرب ٢٨ / ٢٦١).
وانظر ما سيأتي في حوادث السنة التالية ٤٩٥ ه. عن موقعة صنجيل عند طرابلس.
(٢) في الأصل : «وأخلا».
(٣) هكذا في الأصل.
(٤) هكذا في الأصل.