فقتله ، فأخذت (١) العامّة القاتل ، فجرّوه إلى باب النّوبيّ ، فلقيهم ابن إيلغازي فخلّصه ، فرجمتهم العامّة. فتألّم إيلغازي ، وعبر بأصحابه إلى محلّة الملّاحين ، فنهبوها ، وانتشرت الشّطّار ، فعاثوا هناك وبدّعوا ، وغرق جماعة ، وقتل آخرون.
وجمع إيلغازي التّركمان ، وأراد نهب الجانب الغربيّ من بغداد ، ثمّ لطف الله تعالى (٢).
[وفاة قوام الدولة كبربوقا التركيّ]
وفيها ساق صاحب الموصل قوام الدّولة كبربوقا (٣) التّركيّ في ذي القعدة عند مدينة خويّ (٤).
وكان السّلطان بركياروق قد أرسله في العام الماضي إلى أذربيجان ، فاستولى على أكثرها ، ومرض ثلاثة عشر يوما ، ودفن بخويّ. وأوصى أمراءه بطاعة سنقرجاه (٥). فسار بهم ودخل الموصل ، وأقام ثلاثة أيّام (٦).
[مقتل سنقرجاه صاحب الموصل]
وكان كبيروها قد كاتبوا الأمير موسى التّركمانيّ ، وهو بحصن كيفا (٧) ، ينوب عن كبربوقا. فسار مجدّا ، فظنّ سنقرجاه أنّه قدم إلى خدمته ، فخرج يتلقّاه ، ثمّ ترجّل كلّ واحد منهما للآخر ، واعتنقا ، وبكيا على كبربوقا ، ثمّ ركبا ، فقال سنقرجاه : أنا مقصودي المخدّة والمنصب ، وأمّا الأموال والولايات فلكم.
فقال موسى : الأمر في هذا إلى السّلطان.
ثمّ تنافسا في الحديث ، فجذب سنقرجاه سيفه ، وضرب موسى صفحا
__________________
(١) في الأصل : «فأخذه».
(٢) الكامل في التاريخ ١٠ / ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٨٧ ، ٤٨٨.
(٣) في الكامل ١٠ / ٣٤١ «كربوقا» ، وفي المختصر ٢ / ٢١٥ «كربوغا» ، وهو كربوقا في : دول الإسلام ٢ / ٢٥ ، و «كربوغا» في : تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٣ ، وفي الروضتين ١ / ٦٧ «كربوقا».
(٤) خويّ : بلفظ تصغير خوّ. بلد مشهور من أعمال أذربيجان. (معجم البلدان ٢ / ٤٠٨).
(٥) في الكامل ١٠ / ٣٤٢ «سنقرجه».
(٦) الكامل ١٠ / ٣٤١ ، ٣٤٢ ، التاريخ الباهر ١٦ وفيه يجعل وفاته في سنة ٤٩٤ ه.
(٧) كيفا : ويقال : كيبا ، الظّنّ أنّها أرمنية. وهي بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر. (معجم البلدان ٢ / ٢٦٥).