سنة سبع وتسعين وأربعمائة
[الصلح بين بركياروق وأخيه محمد]
في ربيع الآخر ، وقع الصّلح بين السّلطانين بركياروق ومحمد ، وسببه أنّ الحرب لمّا تطاولت بينهما وعمّ الفساد ، وصارت الأموال منهوبة ، والدّماء مسفوكة ، والبلاد مخرّبة ، والسّلطنة مطموعا فيها ، محكوما عليها ، وأصبح الملوك مقهورين بعد أن كانوا قاهرين.
وكان بركياروق حاكما حينئذ على الرّيّ ، والجبال ، وطبرستان ، وفارس ، وديار بكر ، والجزيرة ، والحرمين ، وهو بالرّيّ.
وكان محمد بأذربيجان وهو حاكم عليها وعلى أرمينية ، وأرّان (١) ، وأصبهان ، والعراق جميعه سوى تكريت ، وبعض البطائح.
وأمّا خراسان ، فإنّ السّلطان سنجر كان يخطب له فيها جميعها ، ولأخيه محمد ، وبقي بركياروق ومحمد كفّتي رهان ، فدخل العقلاء بينهم بالصّلح ، وكتبت بينهم أيمان وعهود ومواثيق ، فيها ترجيح جانب بركياروق ، وأقيمت له الخطبة ببغداد ، وتسلّم أصبهان بمقتضى الصّلح. وأرسل الخليفة خلع السّلطنة إلى بركياروق (٢).
__________________
(١) أرّان : بالفتح وتشديد الراء وألف ونون. اسم أعجمي لولاية واسعة وبلاد كثيرة ، منها جنزة ، قال نصر : أرّان من أصقاع أرمينية ، وهو أيضا اسم لحرّان البلد المشهور من ديار مضر. (معجم البلدان ١ / ١٣٦).
(٢) المنتظم ٩ / ١٣٨ (١٧ / ٨٠ ـ ٨٥ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٣٦٩ ، ٣٧٠ ، تاريخ مختصر الدول لابن العبري ١٩٧ ، مرآة الزمان ج ٨ ق ١ / ٨ ، نهاية الأرب ٢٦ / : ٣٥. ٣٥١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٢١٦ ، ٢١٧ ، العبر ٣ / ٣٤٥ ، دول الإسلام ٢ / ٢٦ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٤٩٠ ، ٤٩١ و ٥ / ٣٢ ، تاريخ ابن الوردي ٢ / ١٤ ، مآثر الإنافة ٢ / ١٣ ، النجوم الزاهرة=