ليحجّ القدس ، فأخذ بأرض صيداء وذهبت حينئذ عينه.
ودار في بلاد الشّام بزيّ التّجّار (١) ، فلمّا توفّي السّلطان ملك شاه واختلفت الكلمة دخل إلى بلاده ، وجمع الإفرنج للحجّ ، ودخل أنطاكية ، وحارب المسلمين مرّات ، وتمكّن. ثمّ شنّ الغارة من حصنه ، فبرز له ابن عمّار من طرابلس ، وكبس الحصن بغتة ، فقتل من فيه ، ورمى النّيران في جوانبه ، ورجع صنجيل ، فدخل الحصن ، فانخسف به سقفه ، ثمّ مرض وغلب ، فصالح صاحب طرابلس. ثمّ مات في سنة ثمان (٢).
فقام بعده ابن أخيه (٣) ، وجدّ في حصار طرابلس ، والأمر بيد الله تعالى.
[وفاة الأمير سقمان بن أرتق]
وفيها توفّي الأمير سقمان بن أرتق ، وقد كان فخر الملك ابن عمّار صاحب طرابلس كاتبه واستنجد به ، فتهيّأ لذلك ، فأتاه وهو على العزم كتاب طغتكين صاحب دمشق : بأنّي مريض أخاف إن متّ أن تملك الإفرنج دمشق ، فأقدم
__________________
= ٤٩٧ ه. وأقيم فوق أطلال «حصن سفيان بن مجيب الأزدي» الصحابي الّذي فتح طرابلس في خلافة عثمان بن عفان رضياللهعنهما.
(١) وجاء في (ذيل مرآة الزمان لليونيني ٣ / ٩٣) ما نصّه : «وكان ابن صنجيل خرج وركب في البحر فتوقف عليه الريح ونفذ زاده ، وكاد يهلك هو ومن معه ، وقرب من طرابلس فسيّر إلى صاحبها إذ ذاك وسأله أن يأذن له في النزول في أرضه والإقامة في البر بمقدار ما يستريح ويتزوّد ، فأذن له ، فنزل بمكان الحصن المعروف به الآن وهو حيث بنيت طرابلس الجديدة ، وباع واشترى. فنزل إليه أهل جبّة بشري وسائر تلك النواحي وجميعهم نصارى وأطعموه في البلد وعرّفوه ضعف صاحبه وعجزه عن دفعه. فأقام وبنى الحصن المعروف به ، وتكثّر بأهل بلاد طرابلس».
(٢) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٤١٢ «فمرض صنجيل من ذلك عشرة أيام ومات ، وحمل إلى القدس فدفن فيه».
وانظر : تاريخ حلب للعظيميّ (بتحقيق زعرور) ٣٦٢ (وتحقيق سويّم) ٢٨ ، وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٤٧ ، ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزي (مخطوط) ج ١٢ ق ٣ / ورقة ٢٦٤ ، (والمطبوع ج ٨ ق ١ / ١٣ وفيه خبر موته دون الغارة) ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ٢٢١ ، ودول الإسلام ٢ / ٢٨ ، والإعلام والتبيين للحريري (المخطوط) ورقة ١٦ ، (المطبوع) في ١٥ ، ١٦ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٩٠ ، تاريخ الأزمنة ٩٧ ، الألكسياد لأنّا كومينا ١٧٢ وهي تقول إن مرضا قاتلا نزل به ، ولا تشير إلى سبب مرضه وانخساف سقف الحصن به.
(٣) في تاريخ الحروب الصليبية لستيفن رنسيمان ١ / ٣٦٢ «ابن خالته» وهو «وليم جوردان». وانظر كتابنا : تاريخ طرابلس السياسي والحضاريّ ـ الطبعة الثانية ـ ج ١ / ٤١٣.