الصّائغ ، أحد رءوس الباطنيّة ومن الواصلين عند رضوان صاحب حلب ، واتّفق معه على الفتك بابن ملاعب. وأحسّ ابن ملاعب فأحضر القاضي ، فجاء وفي كمّه مصحف ، وتنصّل وخدع ابن ملاعب ، فسكت عنه ، وكتب إلى الصّائغ يشير إليه بأن يحسّن لرضوان إنفاذ ثلاثمائة رجل من أهل سرمين الّذين نزحوا إلى حلب ، وينفذ معهم خيلا من خيول الإفرنج ، وسلاحا من سلاحهم ، ورءوسا (١) ، من رءوس الإفرنج ، فيأتون ابن ملاعب في صورة أنّهم غزاة ، ويشكون من سوء معاملة رضوان الملك لهم ، وأنّهم فارقوه ، فلقيتهم طائفة من الإفرنج ، فنصروا على الإفرنج ، وهي رءوسهم. ويحملون جميع ما معهم إليه ، فإذا أذن لهم في المقام عنده اتّفق على إعمال الحيلة.
ففعل الصّائغ جميع ذلك ، وجاءوا بتلك الرءوس (٢) ، وقدّموا لابن ملاعب ما معهم من خيل وغيرها ، فأنزلهم ابن ملاعب في ربض فامية. فقام القاضي ليلة هو ومن معه بالحصن ، فدلّوا حبالا ، وأصعدوا أولئك من الرّبض ، ووثبوا على أولاد ابن ملاعب وبني عمّه فقتلوهم ، وأتوا ابن ملاعب وهو مع امرأته فقال : من أنت؟ قال : ملك الموت جئت لقبض روحك. ثمّ قتله (٣).
ثمّ وصل الخبر إلى أبي طاهر الصّائغ ، فسار إلى فامية ، وهو لا يشكّ أنّها له. فقال القاضي : إن وافقتني وأقمت معي ، وإلّا فارجع.
فآيس ورجع (٤).
[قتل الإفرنج قاضي سرمين]
وكان عند طغتكين الأتابك ولد لابن ملاعب ، فولّاه حصنا ، فقطع
__________________
(١) في الأصل : «رؤساء» ، والتصحيح من : الكامل ١٠ / ٤٠٩.
(٢) في الأصل : «الرؤساء».
(٣) أخبار مصر لابن ميسّر ٢ / ٤١ ، ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٥٠ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٤٠٩ ، ٤١٠ ، بغية الطلب لابن العديم (تراجم تاريخ السلاجقة) ١٢٩ ، ١٣٠ ، زبدة الحلب ٢ / ١٥١ ، ١٥٢ ، اتعاظ الحنفا ٣ / ٣٦ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٩٢ ، شذرات الذهب ٣ / ٤٠٩.
(٤) الكامل في التاريخ ١٠ / ٤١٠.