المقدس ، تخلّصونه من أيديهم ، ويكون لكم الفخر. وأمّا إفريقية فبيني وبين صاحبها عهود وأيمان.
فتركوه وقصدوا الشّام (١).
وقيل : إنّ صاحب مصر لمّا رأى قوّة (٢) السّلجوقيّة واستيلائهم على الشّام ودخول أتسز إلى القاهرة وحصارها ، كاتب الإفرنج يدعوهم إلى المجيء إلى الشّام ليملكوه (٣).
[عبور الإفرنج خليج القسطنطينية إلى أنطاكية]
وقيل : إنّهم عبروا خليج القسطنطينيّة وقدموا بلاد قليج (٤) أرسلان بن سلمان بن قتلمش السّلجوقيّ ، فالتقاهم ، فهزموه في رجب سنة تسعين. واجتازوا ببلاد ليون الأرمنيّ فسلكوها. وخرجوا إلى أنطاكية فحاصروها (٥) ، فخاف ياغي سيان (٦) من النّصارى الّذين هم رعيّته ، فأخرج المسلمين خاصّة لعمل الخندق أيضا ، فعملوا فيه إلى العصر ، ومنعهم من الدخول ، وأغلق الأبواب ، وأمن غائلة النّصاري (٧).
وحاصرته الإفرنج تسعة أشهر ، وهلك أكثر الإفرنج قتلا وموتا بالوباء وظهر من شجاعة ياغي سيان وحزمه ورأيه ما لم يشاهد من غيره ، وحفظ بيوت رعيّته النّصارى بما فيها (٨).
__________________
(١) نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥٠.
(٢) في الأصل : «قوت».
(٣) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٤٩ ، ٢٥٠.
(٤) في الكامل ١٠ / ٢٧٤ : «قلج».
(٥) ذيل تاريخ دمشق لابن القلانسي ١٣٤ ، نهاية الأرب ٢٨ / ٢٥١.
(٦) في الأصل : «سنان» ، والصحيح كما أثبتناه.
(٧) الخبر هنا ناقص ، وهو في الكامل ١٠ / ٢٧٤ : «خاف من النصارى الذين بها ، فأخرج المسلمين من أهلها ، ليس معهم غيرهم ، وأمرهم بحفر الخندق ، ثم أخرج من الغد النصارى لعمل الخندق أيضا ، ليس معهم مسلم ، فعملوا فيه إلى العصر ، فلما أرادوا دخول البلد منعهم ، وقال لهم : أنطاكية لكم تهبونها لي حتى انظر ما يكون منّا ومن الفرنج ..».
وانظر الخبر في : تاريخ ابن خلدون ٥ / ٢٠ ، والإعلام والتبيين للحريري ٨ ، والحروب الصليبية لوليم الصوري ١ / ٣٤٩ ، ٣٥٠.
(٨) الكامل في التاريخ ١٠ / ٢٧٤ ، تاريخ الزمان لابن العبري ١٢٣ ، زبدة الحلب ٢ / ١٣٣ ، نهاية=