ومن سنة خمس وعشرين وخمسمائة
[رواية ابن الأثير عن دبيس]
وقد ساق «ابن الأثير» (١) قصّة دبيس فقال : لمّا فارق البصرة قصد الشّام ، لأنّه جاءه من طلبه إلى صرخد ، وقد كان مات صاحبها ، وغلبت سريّته على القلعة ، وحدّثوها بما جرى على دبيس ، فطلبته لتتزوّج به ، وتسلّم إليه صرخد بما فيها (٢). فجاء إلى الشّام في البرّيّة ، فضلّ ونزل بأناس من كلب بالمرج ، فحملوه إلى تاج الملوك ، فحبسه ، وعرف زنكيّ صاحب الموصل ، فبعث يطلبه من تاج الملوك ، على أن يطلق ولده سونج ومن معه من الأمراء ، وإن لم يفعل جاء وحاصره بدمشق ، وفعل وفعل ، فأجاب تاج الملوك ، وسلّم إليه دبيسا ، وجاءه ولده والأمراء. وأيقن دبيس بالهلاك للعداوة البليغة الّتي بينه وبين زنكيّ ، ففعل معه خلاف ما ظنّ ، وبالغ في إكرامه ، وغرم عليه أموالا كثيرة ، وفعل معه ما يفعل مع أكابر الملوك (٣).
ولمّا جرى على الباطنيّة ما ذكرناه عام ثلاثة وعشرين تحرّقوا على تاج الملوك ، وندبوا لقتله رجلين ، فتوصّلا حتّى خدما في ركابه ، ثمّ وثبا عليه في جمادى الآخرة سنة خمس ، فجرحاه ، فلم يصنعا شيئا ، وهبروهما بالسّيوف ، وخيط جرح بعنقه فبرأ ، والآخر بخاصرته ، فتنسّر ، وكان سببا لهلاكه (٤).
__________________
(١) في الكامل في التاريخ ١٠ / ٦٦٨.
(٢) بغية الطلب (قسم السلاجقة) ٢٣٠ ، ٢٣١.
(٣) المنتظم ١٠ / ٢٠ (١٧ / ٢٦٣) ، بغية الطلب (قسم السلاجقة) ٢٣١ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥ ، دول الإسلام ٢ / ٤٧ ، البداية والنهاية ١٢ / ٢٠٢ ، عيون التواريخ ١٢ / ٢٢٢.
(٤) سيأتي الخبر في موضعه ، وهو في : المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥ ، وتاريخ ابن الوردي ٢ / ٣٧ ، والكواكب الدرّية ٩٧ ، ٩٨.