الأول :
كل معلوم فإما أن يكون واجبا أو ممكنا أو ممتنعا.
وهذا النوع من القسمة يشتمل على مسائل :
مسألة : نسبة كل محمول الى موضوع لا تخرج عن هذه الكيفيات الثلاث في نفس الأمر ، ثم التصور الذهني قد يطابق الامر نفسه فيسمى علما وقد يخالفه فيكون جهلا ، فالكيفية من حيث هي هي مادة ومن حيث التصور جهة ، ونظرنا الآن في الأول.
مسألة : ذهب قوم الى أنّ هذه الكيفيات تفتقر الى التعريف ، والحق يأباه (١) ، فإن ذكر شيء على سبيل التعريف اللفظي لم يكن فيه إحالة.
فالواجب هو الذي يستغني في وجوده عن المؤثر ، والممكن هو الذي يفتقر.
فالواجب أن (٢) يوجد بذاته والممكن أن (٣) لا يوجد بذاته بل بغيره لست أقول إنّ استحقاق العدم بذاته فإنه حينئذ يدخل في حيّز الامتناع ، بل ليس
__________________
(١) فهذه الكيفيات الثلاث تشبه «الوجود» و «الشيء» في انه لا يمكن تعريفهما ، قال الشيخ الرئيس : «ان الموجود والشيء والضروري معانيها ترتسم في النفس ارتساما اوليا ليس ذلك الارتسام بما يحتاج الى ان يجلب باشياء اعرف منها» (إلهيات الشفا ص ٢٩). وقال أيضا : «وقد يعسر علينا ان نعرف حال الواجب والممكن والممتنع بالتعريف المحقق أيضا بل بوجه العلامة ، وجميع ما قيل في تعريف هذه مما بلغك عن الاولين قد يكاد يقتضي دورا» (نفس المصدر ص ٣٥) ، والاشراقيون سلكوا هذا المسلك في «النور» قال شيخ الاشراق : «ولا شيء اظهر من النور فلا شيء اغنى منه عن التعريف» (شرح حكمة الاشراق للشهر زوري ص ٢٨٤).
(٢) ج : أنه.
(٣) ج : أنه.