حضر السّلطان : يا سلطان العالم ، محمد بن عبد الله أمرني أن أجلس ، ومحمد أبو عبد الله منعني أن أجلس ، يعني المقتفي.
وكان إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه. وكان يلقّب بالبرهان. فلمّا مات السّلطان أهين الغزنويّ ، وكان معه قرية فأخذت منه ، وطولب بمغلّها عند القاضي. وحبس ثم أطلق ، ومنع من الوعظ.
وتشفّع في أمر القرية ، فقال المقتفي : ألا ترضى أن نحقن دمه (١)؟
ما زال الغزنوي يلقى الذّلّ بعد العزّ الوافر (٢).
وتوفّي في المحرّم.
وهو والد المسند أبي الفتح أحمد بن عليّ الغزنويّ ، راوي التّرمذيّ (٣).
__________________
(١) وقال ابن الجوزي : وحدثني عبد الله بن نصر البيع قال : أخذت من الغزنوي القرية التي كانت وقفت عليه ، فاستدعاني وسألني أن أقول لابن طلحة صاحب المخزن أن يسأل فيه وقال :
هذه القرية اشترتها خاتون من الخليفة والّذي وقع عليه الشهادة صاحب المخزن فهو أعرف الخلق بالحال. قال : فجئت فأخبرته ، فقال : أنا رجل منقطع عن الأشغال ، وكان قد تزهد وترك العمل فعدت إليه فأخبرته فقال : لا بدّ من إنعامه في هذا ، فكتب صاحب المخزن إلى المقتفي : هذا رجل قد أوى إلى بلدكم ، وهو منسوب إلى العلم ، فقال المقتفي : أو لا يرضى أن يحقن دمه؟
(٢) وقال أبو بكر بن الحصري : سمعته يقول : من الناس من الموت أحبّ إليه من الحياة ، وعنى نفسه ، وكان لا يحتمل الذلّ ، فمرض ، فحكى الطبيب الداخل عليه أنه قد ألقى كبده ، وكان مرضه في المحرّم هذه السنة ، فبلغني أنه كان يعرق في مرضه ويفيق ويقول : رضا وتسليم.
وقال ابن الأثير : وكان له قبول عظيم عند السلاطين والعامّة والخلفاء ، إلّا أنّ المقتفي أعرض عنه بعد موت السلطان مسعود لإقبال السلطان عليه. (الكامل)
(٣) ومن شعره :
كم حسرة لي في الحشا |
|
من ولد إذا نشا |
وكم أردت رشده |
|
فما نشا كما أشا |
وله :
يحسدني قومي على صنعتي |
|
لأنني في صنعتي فارس |
سهرت في ليلي واستنعسوا |
|
هل يستوي الساهر والناعس؟ |