الحمد وعالم الأنوار العقلية ، فكلّ من ذينك العالمين عين خرّارة ، تحتوى على ينابيع أنواع مختلفة ، تنبع من كلّ منها أنهار الأشعّة والاشراقات والتدابير والفيوضات. [٢] : وامّا في عين الاختراع ، فعالم الموادّ وعالم الصور ، وهما اقليما بسايط عالم الخلق ، وكورتا أصول عالم الملك والشهادة الّذي هو عالم سلطان الطبيعة وعالم الجواهر الجسمانيّة ؛ ففي كلّ من هذين العالمين ينابيع أنواع مختلفة منها نبوع هويّات متكثّرة.
نونان (١) حرفيّان ، وهما «ن» التكوين و «ن» التدوين ، هما «نونان» (٢) حوتان سبّاحان في عين الإفاضة وبحر [الف ـ ٦٧] الإيجاد ، «لم يكتبهما» كتابة فعليّة صنعيّة ، «قلم» عقل فعّال. «في كلّ نون من النونين» ، نونى التكوين والتدوين «نونان» [١] : إمّا في نون التكوين ، فالامكان الذاتىّ والامكان الاستعدادىّ ، [٢] : وإمّا في نون التدوين ، فأحكام (٣) معالم الدين ، وقوانين سنن الشرع المبين ، وعلوم حقايق الكون ، ومعارف عوالم الكيان.
راشحة استضائيّة
هل أنت متذكّر ما في الخبر عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ «انّ المنزل عليه تسعة وعشرون حرفا.» و «ما أنزل الله على آدم الّا تسعة وعشرين حرفا.» و «انّ لام الف حرف واحد قد أنزله الله عزوجل على آدم في صحيفة واحدة ، ومعه ألف ملك ، ومن كذّب ولم يؤمن به فقد كفر بما أنزل الله على محمّد ـ عليهالسلام ـ.» و «من لم يؤمن بالحروف ـ وهي تسعة وعشرون ـ فلا يخرج من النار أبدا.» (٤) وقد قيل في تفسير قوله سبحانه (الم ذلِكَ الْكِتابُ) (٥) كأنّه قال يا محمّد! هذه الحروف ذلك الكتاب
__________________
(١) النونان الاولان ، هما نونان من الارادة ، أى الارادة الذاتية. (نورى)
(٢) سرّ ذلك : كون النون حرف الامكان والقوة وحرف الارادة المتعلّقة بالأعيان الثابتة ، والامكان غريق في بحر الايجاب والوجوب (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) [فصّلت / ٥٤] وأمّا الارادة فهي غريقة في بحر المشية. (نورى)
(٣) كذا.
(٤) لم نعثر عليها في الجوامع المعتبرة.
(٥) بقرة ، ٢ ـ ٤.