فهذا أمد (١) الفحص الغائر (٢) ومحزّ (٣) القول الفصل هنالك.
وعامّة آل علم التفسير كان قصاراهم في تحصيل المقام ما قالوا :
[١] : تارة أنّ المسمّيات لمّا كانت حروفا وحدانا ، والأسامى مركّبات روعيت فى التسمية لطيفة في الدلالة على المسمّى بجعله صدر الاسم ، ليكون هو أوّل ما يقرع السمع من اسمه الّا الالف [ب ـ ٦٨] الساكنة الّتي هي المدّة ، كأوسط حروف ، قال : لتعذّر الابتداء بها فاستعيرت الهمزة مكانها ، وهي اسم مستحدث كما البسملة (٤) والحسبلة (٥) والسبحلة (٦) والحوة (٧) والحيعلة (٨). وامّا ما هو اسم للهمزة ـ أى الألف المتحرّكة كما قد يقال الف الوصل ـ فهو على شاكلة سائر الأسامى.
__________________
ـ حرفين مختلفين باختلاف الحركة والسكون ، فيرتقى عدد مجموع الحروف ستّة وخمسين.
ونحن نقول اختلاف العوارض المتواردة غير مصادم لوحدة ذات المعروض ، ولكنّ الاختلاف بالصلوح لقبول عارض بخصوصه وعدم الصلوح له بحسب نفس الذّات دليل اختلاف جوهر ذات المعروض قطعا.
فنقول اذن : إنّ هناك تذاهلا عن الأصل وتعاميا عن الحقّ من سبيلين :
الأوّل : انّ الألف* اللّينة ساكنة بحسب الذّات أبدا غير صالحة لقبول الحركة أصلا ، بخلاف الهمزة ؛ فانّها صالحة لقبول الحركة والسكون على التوارد ، كما سائر الحروف صالحة لقبولهما ، فذلك دليل اختلاف الالف والهمزة بالذات لا مجرّد الاختلاف بالحركة والسكون.
الثاني : انّ مخرج الهمزة متحرّكة كانت او ساكنة ، وراء مخرج الألف اللّينة الساكنة الغير القابلة للحركة أصلا ، على ما أوضحناه في أصل الكتاب.
فمن هناك يستبين اختلافهما ، اذ الأصل في اختلاف الحروف اختلافهما بحسب المخارج ، لا من مجرّد الاختلاف بالحركة والسكون فليعلم!. (منه).
* الحقّ الأحقّ أنّ الألف اللّينة وواو العلّة وياءها انّما هي حروف العلّة واشباعات للحركات السلب ، فهي خارجة عن الحروف الصحاح ، هي ثمانية وعشرون حرفا لا غير ، وهي لمّا كانت حرف العليّة والايجادية كانت أجلّ زينة وأرفع شأنا في تلك الحروف الصحاح. وأمّا الألف الهمزه والواو والياء الصحيفة فهي غير حرف العلة وشبحها رتبة. (نورى).
(١) الأمد : الأجل ، الوقت.
(٢) الغائر : الذاهب.
(٣) محزّ : موضع القطع.
(٤) مصدر جعلى من كريمة «بسم الله الرّحمن الرّحيم».
(٥) والظاهر : أنّها مصدر جعلى من كريمة «حسبنا الله».
(٦) والظاهر : أنّها مصدر جعلى من شريفة «سبحان الله».
(٧) كذا والمشهور : حوقلة ، مصدر جعلى من شريفة «لا حول ولا قوة الّا بالله».
(٨) والظاهر : أنّها مصدر جعلى من شريفة «حيّ على الصلاة».