[٢] : وتارة أنّه ان لم تعدّ الألف حرفا برأسها كانت الأسامي ثمانية وعشرين ، كما المسمّيات. وان عدّت كان عدد حروف المعجم تسعة وعشرين ، وعدد اساميها ثمانية وعشرين ، لكون الألف اسما لوسط جاء ـ أعنى المدّة ـ وللهمزة الّتي في آخرها على سبيل الاشتراك. فبهذا مبلغهم من العلم في هذه العويصة.
ثمّ نقول : لعلّك تكون بما تلوناه عليك غير مستريب في أنّ الألف بحسب المخرج وبحسب ما أنّها من عناصر الألفاظ على ضربين ، ساكنة معبّر عنها ب «الألف اللّيّنة» وموضوع لها لام الف ، ومتحرّكة مسمّاة ب «الهمزة». فأمّا مع عزل النظر عن تينك الجهتين فلا اختلاف بينهما ولا فرقان أصلا ، لا بحسب استحقاق الاسم ولا بحسب الصورة الرّقميّة ، ولا بحسب الدرجة الجسديّة. ولا بحسب الروحانيّة العدديّة.
فاذن عسى أن ينصرح لك (١) انّ الالف مطلقا [الف ـ ٦٩] بما أنّ روح جسدها ومرتبة
__________________
(١) قوله : «فاذن عسى ان ينصرح» الى آخره. لتنافى المقام كلام أتقن واحكم! عسى أن يكون حريّا بالتصديق وحقيقا بأن يسمّى بالتحقيق. وسرّ ذلك هو أن المشرب الأصفى والمنهج الأولى والأحسن الأبهى ـ المستمرّ بالتحقيق الأتمّ كان يحكم بحكم البرهان الباهر ويقول بأمر السلطان القادر بوساطة الأستاذ الماهر ـ أنّ المشية التي خلقت بنفسها ثم خلقت الأشياء بها ، وهي الوجود المطلق والمنبسط المسمّى ب «الحقّ المخلوق به» و «الحقّ الاضافي» و «الاضافة الاشراقية».
واشراق شمس الحقيقة على هياكل الأعيان الامكانية لها أربع مراتب بحسب ترتيل القولوية : [١] : مرتبة النقطة والرحمة. [٢] : ثمّ مرتبة الالف المطلقة ـ وهى الرياح المبشّرة بين يدى الرحمة ، المسمّاة ب «النفس الرحماني» و «النفس الاولى» ، الاولى الذي هو في كل مرتبة ، وفي كلّ شيء بحسبه. [٣] : ثمّ مرتبة الحروف البسائط المسماة ب «السحاب المزجى». [٤] : ثمّ مرتبة الكلمة المركّبة من الحروف البسيطة ، المعبّر عنها بكلمة «كن» ، والمسمّى ب «السحاب الثقال» و «الزكام» و «المتراكم» في الألسنة القرآنية ، وهي «الحقيقة المحمديّة المطلقة» وحقيقة حقائق الأشياء والأعيان الامكانية.
وهذه المراتب الأربع انّما هى أربع بحسب ضرب من التفصيل والتحليل العقلى يسمّى بالترتيل القولوي ، والّا فتلك المشية التي هي أمر الله وحكمه النافذ ، ونوره الساري في السماوات والأرضين أمر بسيط ؛ يعبّر عنها بكاف المشية ، كاف كلمة كن التي نونها نون الارادة المتعلقة بالعين والماهية ، كما أنّ المشية ـ السابقة على الأربعة ـ متعلّقة بالكون والوجود ، أى كون الكاف حرف الوجود ، والنون حرف الماهية والعين الامكانية ؛ والعقد بينهما عقد مناكحة حقيقة الآدميّة واللطيفة الحيوانية.
ثمّ اعلم أنّ تلك الألف المطلقة المسماة ب «الرحمة الواسعة» وب «النفس الرحمانى» وب «الوجود المطلق» المنبسط على هياكل الأشياء كلّها المحيطة بحقائقها ودقائقها ـ أى في الدّرة البيضاء إلى الذرة الهيولى ، ومن الذرة الى الذرة ـ المسماة ب «المحمديّة البيضاء» إنّما هي ظلّ الوحدة الحقّة الحقيقيّة التي هي الذات الاحدية الأقدس تعالى : ونفس العلل الأمري والنور المحمدي الاشراقي ، كما أشرنا أمر واحد بالوحدة