بإمام ، وقلاه (١) وتمسّك بغيره ممّن لا يلحق شأوه (٢) ولا يبلغ مداه (٣) ، فهو مبغض له ، حائد عنه ؛ فهذا أحد ضربى البغض ، بل إنّه أشد الضربين ، وبه فسّره رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حيث قال لعليّ ـ عليهالسلام ـ : «يا على يهلك فيك اثنان ، محبّ غال ومبغض غال. (٤)» أى تارك. فاذن انّما يوالى أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ المستمسكون بحبلهم ، المتمسّكون بسبيلهم [الف ـ ١٩] ، المستضيئون بنورهم ، المهتدون بهداهم ، الرافضون لكلّ وليجة دونهم وكل مطاع سواهم ، وإن هم إلّا الشيعة الامامية الاثنا عشريّة.
وقد صحّ بالنقل المتواتر من الفريقين أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال لعليّ ـ عليهالسلام ـ «يا علي أنت وشيعتك هم الفائزون يوم القيامة. (٥)» ورواه صاحب «الكشّاف» (٦) ، ومفاده الحصر. وهذا أمر مستبين الظهور كالشمس فى الهاجرة ، ولم يسع نقّادهم البصراء أن يستنكروه.
قال ابن الاثير في «النهاية» : «أصل الشيعة : الفرقة من الناس ، وتقع (٧) على الواحد والاثنين والجميع (٨) ، والمذكّر والمؤنث بلفظ واحد ، ومعنى واحد. وقد غلب هذا الاسم على كل (٩) من يتولّى عليّا وأهل بيته ، حتّى صار لهم اسما خاصّا ، فإذا قيل فلان من الشيعة عرف أنّه منهم ، وفى مذهب الشيعة كذا ؛ أى عندهم (١٠)».
__________________
(١) قلا : أبغض ، طرد.
(٢) الشأو : الغاية ، المنتهى.
(٣) المدى : الغاية ، المنتهى.
(٤) راجع : «تاريخ دمشق» ، ترجمة الامام على بن أبي طالب ، ج ٢ / ٢٤٠ ح ٧٥٥ ـ ٧٦٠ مع اختلاف يسير و «نهج البلاغة» ، قصار ، ١١٧ و ٤٦٩.
(٥) راجع : «فردوس الأخبار» ، ج ٣ / ٦١ ح ٤١٧٢ ، «فرائد السمطين» ، ج ١ / ١٥٦ ح ١١٨ ، «ترجمة الامام على بن أبي طالب» ، ج ٢ / ٤٤٢ ح ٩٥٨ ، «شواهد التنزيل» ، ح ٢ / ٣٦٢ و «كفاية الطالب» ، ص ٢٤٥.
(٦) لم نظفر به في «الكشاف».
(٧) في النسخ : يقع.
(٨) هكذا في الأصل ، ولكن في المصدر : «الجمع».
(٩) في المصدر : «كلّ» من يزعم أنّه يتولّى.
(١٠) «النهاية» ، ج ٢ / ٥٢٠ ـ ٥١٩.