لا يستحقّ الإصغاء اليه ولا الاشتغال بردّه ، أمّا أوّلا : فلأنّ الاحاديث المتواترة (١) ناطقة باستمرار الأمر في الاثنى عشر إلى آخر الدهر ، وقيام الأمر بهم إلى أن يقوم الساعة. وأمّا ثانيا : فلأنّ حديث نعسة (٢) النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ورؤياه فيها أن رجالا من أمّته ينزون (٣) على منبره من بعده نزو القردة ، يردّون الناس على أعقابهم القهقرى ، ثابت الصّحة ، متواتر النقل عند الفريقين ، وقوله سبحانه في التنزيل الكريم : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (٤) والشجرة الملعونة فى القرآن مفسّر بذلك. والشجرة الملعونة ببني اميّة ، أمّا من طريق اهل البيت ـ عليهمالسلام ـ فقد ثبت لدى الخاصّة من طرق غير المحصورة (٥).
وأمّا طريق الجمهور فقد رواه علّامة زمخشرهم في «الكشاف» قال : «[و] قيل : هي رؤياه أنّه سيدخل مكّة. وقيل : رأى في المنام أنّ ولد الحكم يتداولون منبره كما يتداول [ب ـ ٢٢] الصبيان الكرة (٦).» فقال الشارحون الولد هاهنا للجنس ، أى اولاد الحكم ، يعنى : نوافل الحكم ، وهو الجدّ الأعلى لمعاوية ويزيد ، وفعلهم بالحسن والحسين تعبير هذه الرؤيا.
قال علّامتهم الاعرج النيسابوري في تفسيره : «الثّالث من الأقوال قول سعيد بن المسيّب وابن عبّاس في رواية عطاء ، أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ رأى بني اميّة ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك.» وقال في بيان الشجرة الملعونة عن ابن عباس : «الشجرة الملعونة بنو أميّة (٧)».
وقال إمامهم الرازي في «التفسير الكبير» : «القول الثالث في الرؤيا : قال سعيد بن
__________________
(١) راجع : كتاب «العوالم» ج (١٥ / ٣) ، النصوص على الأئمّة الاثنى عشر لتفصيل الطرق الخاصة والعامّة.
(٢) النعسة : نعس الرجل أى أخذته فترة في حواسه فقارب النوم.
(٣) ينزون : ـ عليه أى يوقعون عليه ويوطئونه.
(٤) الاسراء ، ٦٠.
(٥) راجع : «نور الثقلين» ، ج ٣ / ١٨٢ ـ ١٧٩ نقلا من عدّة مصادرنا و «السبعة من السلف» ، ص ٢٠٦ ـ ٢٠٩.
(٦) المصدر ، ج ٢ / ٦٧٦.
(٧) «تفسير النيشابورى» ، الطبع الحجرى ، ج ٢ / ٥٧.