المسيّب رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بني اميّة ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك. وهذا قول ابن عبّاس في رواية عطاء ؛ والإشكال المذكور عائد فيه ؛ لأنّ هذه الآية مكيّة وما كان لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بمكة منبر ، ويمكن أن يجاب عنه : بأنّه لا يبعد أن يرى بمكة أنّ له بالمدينة منبرا يتداوله بنو اميّة.» ثمّ قال : «القول الثاني في الشجرة الملعونة : قال ابن عبّاس : الشجرة الملعونة في القرآن المراد بها بنو اميّة الحكم بن أبي العاص وولده ، قال : رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في المنام أن ولد مروان يتداولون منبره ، فقصّ رؤياه على أبي بكر وعمر ، وقد خلا في بيته معهما ، فلمّا تفرّقوا سمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الحكم يخبر برؤيا رسول الله ، فاشتدّ ذلك عليه واتّهم عمر في افشاء سرّه ، ثمّ ظهر أن الحكم كان يتسمّع [الف ـ ٢٣] إليهم ، فنفاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. وممّا يؤكّد هذا التأويل قول عائشة لمروان : لعن الله أباك وأنت في صلبه ، فأنت فضض (١) من لعنة الله (٢).» انتهى ما قاله في تفسير هذه الآية بعبارته.
ثم قال في تفسير سورة القدر في قوله تعالى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (٣) : «روى القاسم بن فضل عن عيسى بن مازن قال : قلت للحسن يا مسوّد وجوه المسلمين! عمدت إلى هذا الرجل فبايعت معد له (٤) ، يعنى : معاوية ، فقال : إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ارى في منامه بني اميّة يطؤون منبره واحدا (٥) بعد واحد ، وفي رواية : ينزون
__________________
(١) فضض بضادين المعجمتين بعد الفاء المفتوحة وبالتحريك ، رووه في صحاحهم وأورده علّامة زمخشر في «الكشاف» وفى «الفائق» [ج ٣ / ٣٠٣] قال ابن الاثير فى «النهاية» [ج ٣ / ٤٥٤] : «حديث عائشة ، قالت لمروان : إنّ النبيّ لعن اباك (وانت فى صلبه) فانت فضض من لعنة الله. أى قطعة وطائفة منها ، ورواه بعضهم. وفظاظة من لعنة الله ، بظاءين من الفظيظ ، وهو ماء الكرش ، وانكره الخطابيّ. وقال الزمخشريّ افتظظت الكرش [إذا] اعتصرت ماءها ، كانّه عصارة من اللّعنة ، أو فعالة من الفظيظ ، ماء الفحل : أى نطفة من اللعنة». انتهى كلامه. (منه).
(٢) «التفسير الكبير» ، ج ٢٠ / ٢٣٦.
(٣) القدر ، ٢.
(٤) معد له : طريقه.
(٥) في نسخة المؤلف : واحد.