على منبره نزو القردة ، فشقّ ذلك عليه ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (١) إلى قوله : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ). يعنى : ملك بنى اميّة. قال القاسم : فحسبنا ملك بنى اميّة فإذا هو ألف شهر. طعن القاضي (٢) في هذا الوجه ، فقال : ما ذكر من ألف شهر ليست في أيّام بني اميّة ؛ لانّه تعالى لا يذكر فضلها بذكر ألف شهر مذمومة ، وأيّام بني اميّة مذمومة. اعلم أنّ هذا الظنّ باطل ؛ لأنّ ايّام بني اميّة كانت أيّاما عظيمة بحسب السعادات الدنيويّة ، فلا يمتنع أن يقول الله تعالى : إنّي اعطيتك ليلة هي في السعادات الدينيّة أفضل من تلك الأيّام في السعادات الدنيويّة.» انتهى (٣) كلامه بألفاظه.
وقال نحريرهم البيضاويّ في تفسيره ، «أنوار التنزيل» : «وقيل رأى ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قوما من بنى امية يرقون منبره وينزون عليه نزو القردة ، فقال : هو (٤) حظّهم من الدنيا يعطونها (٥) بإسلامهم. وعلى هذا كان المراد بقوله (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) ، ما حدثت (٦) في أيّامهم (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (٧) عطف على الرؤيا» ثمّ قال : «وقد اوّلت بالشيطان وأبي جهل والحكم بن أبى العاص. (٨)» انتهى قوله.
قال أمين الدّين ، ثقة الإسلام ، أبو على الطبرسيّ ـ حفظه الله تعالى برحمته ـ في «مجمع البيان» و «جوامع الجامع» و «ثالثها» أى ثالث الاقوال إنّ ذلك رؤيا رآها النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ فى منامه أنّ قرودا تصعد منبره [ب ـ ٢٣] وتنزل ؛ فساءه ذلك ، واغتمّ به. رواه سهل بن سعيد عن أبيه أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ رأى ذلك وقال : إنّه ـ عليهالسلام ـ لم يسمع (٩) بعد ذلك ضاحكا حتّى مات ، ورواه سعيد بن يسار ، وهو
__________________
(١) القدر ، ١.
(٢) في هامش بعض النسخ : هو الباقلاني.
(٣) «التفسير الكبير» ، ج ٣٢ / ٣١.
(٤) في المصدر : هذا.
(٥) هكذا في الاصل ، وفي المصدر : يعطونه.
(٦) في المصدر : ما حدث.
(٧) الاسراء ، ٦٠.
(٨) «انوار التنزيل» ، ج ٢ / ٥٩٠.
(٩) خم : لم يستجمع.