يعرف بهذا الاسم : لأنّه ضرب من الرجوع (١)» (٢).
وإذ قد استبان من تواتر هذه الأحاديث وتناقل هذه الأخبار أنّ أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تقهقروا ونكبوا (٣) عن السبيل من بعده ، وتغلّبوا واستأثروا بالحقّ على أهله ؛ فإذن قد استتبّ ما استصحّوه [الف ـ ٣١] واستثبتوا ، وأطبقوا على روايته في مصابيحهم ومشكاتهم وصحيحيهم وسننهم الأربعة واصولهم الجامعة عن أبى سعيد الخدري ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لتتّبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتّى لو دخلوا حجر ضبّ تبعتموهم! قيل يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال فمن؟ (٤)» ومن طريق آخر إنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «ستحذو امّتي حذو بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، وحذو القذّة بالقذّة ، حتّى لو دخلوا حجر ضبّ لدخلوا فيه (٥)».
وإذ قد اعتلى عرش هذا المقام وبلغ بنا حقّ الكلام ذروة هذا السنام (٦) ، فلنرجع بإذن الله العزيز العليم إلى ما نحن في سبيله.
[تحليل مسألة البداء]
قال عروة الإسلام في الأوّلين والآخرين ، شيخ الدين ورئيس المحدّثين ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن اسحاق الكليني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ فى جامعه «الكافى» باب البداء ، ومخرّجه فيه ستة عشر حديثا ، ونحن سنخرج ان شاء الله العزيز وردا ممّا يجب تخريجه أوّلا ، ومن بعد ذلك نشرح ما خرّجه ثمّ نكّر ، فنأتى بحقّ القول في شرح ما
__________________
(١) «النهاية» ، ج ٤ / ١٢٩.
(٢) ولتفصيل مصادر هذا المبحث يراجع : «بحار الانوار» ، ج ٢٨ / ٢٢ ـ ٢٩ ، «جامع الاصول» ، ج ١١ / ١٢٠ ـ ١٢٢ و «العمدة» ، ص ٤٦٦ ـ ٤٦٨.
(٣) نكب : عدل وتنحّى.
(٤) راجع : «بحار الانوار» ، ج ٢٨ / ٣٠ نقلا من «جامع الاصول» ، ج ١٠ / ٤٠٩ ؛ «مشكاة المصابيح» ، ص ٤٥٨ ط حيدرآباد ، «الصحيح» لمسلم ، كتاب العلم ج ٤ / ٢٠٥٤ و «الطرائف» ، ص ٣٨٠.
(٥) «بحار الأنوار» ، ج ٢٨ / ٣٠ نقلا من الترمذي ، «جامع الاصول» ، ج ١٠ / ٤٠٨.
(٦) السنام : حدبة في ظهر البعير.