كلّ جهة ، ممّا لا يكاد يتصحّح (١) أصلا ، أليس الاستناد والفيضان على طباق التأثير والافاضة!؟ فاذا استندت المتغيّرات الى القيّوم الحقّ على سبيل التدريج.
[١] : فامّا أن يكون التأثير والافاضة على التدريج ، فيكون المؤثّر المفيض ، تدريجيّ الصنع ، زمانيّ الحقيقة ؛ تعالى عن ذلك قدّوسيته الحقّة.
[٢] : أو دفعة واحدة ، لا على التدريج ؛ فيختلف الأثر الفائض عن نحو التأثير والافاضة.
وبالجملة المتعالي عن عالمى الزمان والمكان ، المتمجّد (٢) عن علائق المادّة وعوارض الطبيعة يمتنع أن يفعل شيئا بعد شيء وأن يبدو له أمر [ب ـ ٣٣] غبّ (٣) أمر. فلذلك ذهبت اليهود الى أنّ الله تعالى قد فرغ من الأمر. وذهب النظام وبعض أصحابه من المعتزلة الى أنّه سبحانه أخرج جميع الموجودات من العدم إلى الوجود معا ، لا بتقدّم وتأخر.
قال صاحب «الملل والنحل» من مذهبه : «أنّ الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هى [عليه] الآن : معادن ونباتا وحيوانا وانسانا» ، ولم يتقدّم خلق آدم ـ عليهالسلام ـ على خلق أولاده [غير أنّ الله تعالى أكمن بعضها في بعض] ، والتقدّم والتأخّر انّما يقع في ظهورها [من مكانها] دون حدوثها ووجودها. وانّما أخذ هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من جملة الفلاسفة» (٤).
فان أعضل بقولكم الأمر في هذا الشكّ ، اعلموا أنّ الله سبحانه كما يتقدّس في ذاته وصفاته وشؤونه وأسمائه عن التدريج والتعاقب ، اذ لا يكون ذلك الّا من تلقاء الزمان الّذي هو ظرف المتغيّرات فكذلك هو متقدّس عن المعية الزمانيّة والدفعة الآنية.
اذ ليس ذلك الّا من جهة الزمان ومن جهة الآن الذي هو حدّ من حدود الزمان ،
__________________
(١) كذا ، وهذه الصيغة لم تستعمل فى لغة العرب قطّ.
(٢) المتمجّد : المتعظّم.
(٣) غبّ : بعد.
(٤) «الملل والنحل» ، ج ١ ، ص ٥٨. ط محمد بدران.