وحقيقته الصمدانيّة من كلّ جهة ، لا من تلقاء حيثيّة ما وراء بحت الذات وصرف الحقيقة أصلا ، لا تقييديّة ولا تعليليّة ؛ اذ حيثيّة الوجوب الذاتيّ بصرافة وحدتها الحقّة مثابتها مثابة جملة الحيثيّات الكماليّة التمجيديّة والتقديسيّة الايجابيّة والسلبيّة ، وليس الأمر كذلك في شيء من سائر الحقائق.
فكلّ ذات من الذوات الجائزة وكلّ موجود من الموجودات الممكنة ، فانّه إنّما يتسحقّ كلّ اسم من الأسماء المختلفة المفهومات من حيث حيثيّة خاصّة ، لا يصحّ بحسبها الّا ذلك الاسم بخصوصه ، ففي حقائق عالم الامكان لا يتصحّح (١) اسمان مختلفان بالمعنى بحسب جهة واحدة بخصوصها ولمرتبة متعيّنة [الف ـ ٣٨] بعينها ومن تلقاء حيثيّة احديّة بصرافتها ، فهذا هو الخروج (٢) من حدّ التشبيه (٣).
وليعلم أنّ وجوب اعتبار الخروج من الحدّين هنالك ليس يتخصّص بالصفات الحقيقيّة ، بل انّه يعمّ اسم الذات واسم الوجود وأسماء الصفات الحقيقيّة ، وأسماء الصفات الاضافيّة والاضافات المحضة وأسماء الأفعال جميعا ، فيجب في شريعة البرهان ودين العرفان اثبات الذات لله سبحانه خروجا من حدّ الابطال والتعطيل ، ومعرفة انّ ذاته سبحانه أقدس وأعلى من مضاهاة الحقائق ومشابهة الذوات ، فانّه جلّ سلطانه ينبوع
__________________
(١) يمكن أن يتصحّح على أصل الماهية ، وضابطة اصالتها التي قال بها ومال إليها ـ قدّس الله روحه المقدّس ـ وما أظهرنا أن يتوجّه على أصلنا الذي هو القول باصالة الوجود كما هو المحقّق عند المحقّقين المحقّين ، أحسن التأمّل فيه! (نورى).
قوله «لا يتصحح» فيه ما فيه ، السرّ فيه : هو كون الحقائق الوجوديه الجوازية بما هي وجودات بسيطة مطابقة المعانى والمفهومات الكماليّة بما هي عنوانات لكمالات الوجود لموجود بما هو موجود من جهة واحدة ، اذ كل مرتبة كانت يكون بحسب نفس مرتبتها الوجوديّة وحقيقتها الموجوديّة مطابقة الصفات والجهات الكماليّة ، كالموجودية والعالمية والمعلوميّة والحياة وغير ذلك. ومصداقها كما ينكشف عنه قوله تعالى (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الاسراء / ٤٤] الآية. (نورى).
(٢) سرّ عدم الحاجة في ذلك الخروج إلى ما قرّره ـ قدّس الله روحه المقدّس ـ هو حصول الخروج من حدّ التشبيه من مجرّد تحقيق البينونة والصفة الّتي هى أتمّ أنحاء البينونة لا يبقى معها مجال توهّم التشبيه وتصوّره ، فضلا عن تحققه سبب فيه. (نورى).
(٣) لعمر الحبيب أنّ الخروج من حدّ التشبيه لا حاجة له الى ما قرّره ـ قدّس سره ـ من امتناع صدق اسمين مختلفين من جهة المعنى والمفهوم ، كالموجود العالم في الذوات الجوازية من جهة واحدة ، كما اشرنا اليه في الحاشية قبيل هذا. (نورى).