وأيضا أنّ الاضافات العارضة (١) لذاته الحقّة الأحديّة عزّ سلطانه لا تكون متعاقبة الحصول شيئا بعد شيء بالنسبة الى ذات المعروض ، اذ ليس هناك من جهة ذاته الحقّة الّا الفعليّة المحضة من كلّ جهة ؛ بل انّما لها التعاقب والتدريج بالنسبة بحسب النسبة الى ما اليه الاضافة. وأمّا الاضافات العارضة لما في عالم الامكان فعلى غير ذلك السبيل ، فاذا في اثبات الاضافات أيضا خروجا من حدّ التعطيل ومن حدّ التشبيه من سبيلين.
وكذلك الأمر في أسماء الأفعال (٢) ، فكما ذاته القيّوميّة لا تقاس بالحقائق والذوات ولا شؤونه وصفاته بالعوارض والصفات ، ولا اضافات ذاته بالنسب والاضافات ، فكذلك أفعاله وافاضاته (٣) [الف ـ ٣٩] لا تقاس بالأفاعيل والتأثيرات ، سبيل فعله سبحانه خارج من حدّ التعطيل ومن حدّ التشبيه ، ابداع ثابت وايجاد صريح وتكوين باتّ ، لا دفعيّ ولا تدريجيّ ولا زمانيّ ، اذ لا تعتوره الأزمنة والآنات ، ولا تعتريه الحدود والآماد والآجال والاوقات ، ولا هو كتأثيرات الطبائع ، ولا كأفاعيل المختارين من ذوى الهمامات والارادات (٤) ، ومشيّته جلّ سلطانه لأفعال العباد أيضا بين أمرين (٥) ، خارج من حدّ
__________________
(١) يشهد لما حقّقنا وأظهرنا من لزوم كون جميع الصفات العليا والأسماء الحسنى حقيقيّة كانت ، أو اضافية سلبية ، أو ثبوتية واقعة صادقة على ذاته الحقة الاحدية بالنظر إلى مجرد ذاته بذاته ، مع قطع النظر عن كل حيثية وجهة خارجة عن نفس ذاته الحقّة تقييديّة كانت الحيثية في الجهة ، أو ، تعليلية خارجية عينية كانت ، أم اعتبارية انتزاعية ؛ فانه لو ثبت لذاته الاحدية صفة من الصفات ، وحكم بها عليه تعالى بالنظر الى حيثية خارجة مغايرة زائدة على ذاته الأقدس الأحدية ، فيلزم أن تكون تلك الصفة بالنظر الى ذاته تعالى مع قطع النظر عن تلك الجهة الخارجة بالقوة وبالامكان ، ويلزم من هاهنا نظر في جهة القوة والخارجة الفاقة والى ذاته الأحدية الغنية الواجبة من جميع الجهات ، كما لا يخفى. (نورى).
(٢) هذا منه ـ قدس الله روحه المقدس ـ وان كان منافيا لما قرّره في خصوص صفات الاضافية والاضافات النسبيّة الملحوظة بالقياس الى المعلومات كما مرّ منه ، لكنّه هو الصراح من الحق والقراح من الصواب وهو فصل الخطاب ، فعليك بالتزامه وحفظه فى كل باب ، فافهم! (نورى).
(٣) خ : اضافاته.
(٤) ولكن كلامنا هذا صعب مستصعب جدّا لا يحتمله الّا مؤمن ممتحن. (نورى).
(٥) وهذا منّا لا ينافي تنزيهه تعالى عن مشية القبائح والمعاصى بالذات ؛ فانّ تعلق مشيته حقيقة بالشرور ، إنّما هو بمقتضى صفة العدل وبالعرض ، فافهم! (نورى).
[أيضا منه] : حقّ معنى الأمر بين الأمرين هاهنا ، هو كون منزلة مشية العبد في أفعاله الاختيارية من مشيته سبحانه وجلّ سلطانه ، منزلة ظل الشيء ومثاله من ذلك الشيء (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) وجودا وعلما وقدرة وارادة إلى غير ذلك من الاعتبارات الصادقة الواقعية.