أوّلها : الجاعليّة الاضافيّة المضائفة للمجعوليّة ، والمتضائفتان حاصلتان معا في مرتبة واحدة ، ومتأخّرتان [الف ـ ٤٠] معا بحسب المرتبة عن مرتبتى ذات الجاعل وذات المجعول ، فحقيقة الاضافة ليست إلّا النسبة المتكرّرة على خلاف مطلق النسبة ، اذ لا يعتبر فيها التكرّر ، بل إنّها أعمّ وأوسع (١).
وثانيها : حيثيّة الجاعليّة الحقيقيّة الّتي هي مستتبعة ذات المجعول ، ومنها ينبعث جوهر ذاته ، وذلك كون الجاعل بحيث من تلقائه يجب ، وعنه يصدر هذا المجعول بخصوصه ، وهذه الجاعليّة الحقيقيّة مبدأ الجاعليّة الاضافيّة ومتقدّمة عليها بمرتبتين ، إذ هي ينبوع وجوب المجعول وفعليّته ، ومنبع تقرّره ووجوده ، وهي من المراتب السابقة على جوهر ذاته.
والجاعلية الاضافيّة فرع تحقّق المضافين ، والمراتب السابقة مفصّلة معدودة ، في كتابنا «الافق المبين» ، وهي مضاهية الجاعليّة الاضافيّة في كونها واحدة اذا كان المجعول واحدا ومتكثّرة بحسب تكثّر المجعولات ، وفي أنّها أيضا ليست عين ذات الجاعل الحقّ على الإطلاق (٢) ، بل إنّها أمر زائد على نفس ذاته ـ جلّ كبرياؤه ـ كما الجاعليّة الاضافيّة إذ ليست هي من الكمال المطلق للوجود بما هو وجود. ومن الصفات الحقيقيّة للموجود الحقّ من حيث هو موجود حتّى يجب أن تكون هي عين حقيقة القيّوم الحقّ الواجب ، [ب ـ ٤٠] ولكنّها من لوازم ذات الحقيقة الحقّة القيّوميّة وعوارضها بالذّات بحسب خصوصيّة ذات هذا المجعول وخيريّته لنظام الوجود ، وتمام مناسبته وقرب جوهره بنصاب كمال الحقيقة وقسط بهاء الانيّة من حريم الجناب القدّوسيّ القيّوميّ.
وما قاله حامل عرش العلم والتحصيل في «شرح الاشارات» حيث قال : الصدور
__________________
(١) خ : اسع.
(٢) هذا هو الحقّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من ربّ العالمين ، كما قال عزّ من قائل : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس / ٨٢] وتلك الجاعليّة الحقيقيّة ان هي الّا قول «كن» الّذي هو أمره تعالى ، وهو فيضه المقدّس المسمّى بالنور المحمّدى ، الساري في السماوات والأرضين ، وهو الحقيقة المحمّديّة التي هي حقيقة الحقائق الأشياء كلّها ، وهي الفائضة أوّلا وبالذات عن حضرة الذات الأحدية الأقدس ، ثمّ خلقت الأشياء بها. (النورى).