سمّى عالم الأمر لمكانة وجوده بمحوضة الامر الإلهيّ ، وقول «كن» من دون مادّة هي الحامل لجوهر الذات ، وامكانه الاستعدادي ، واستعداد هو المستدعي لجريان الافاضة وفعلية التقرّر.
وثالثها : الجاعلية الحقّة (٤) الّتي هي كمال مطلب للوجود بما هو وجود ، وهي عين مرتبة ذات الموجود الحقّ عزّ مجده ، وذلك كونه سبحانه في مرتبة ذاته بحيث تجب وتصدر عنه خيرات نظام الوجود على الاطلاق ، وتفيض عنه كلّ وجود [ب ـ ٤١] وكلّ كمال وجود وكلّ كمال لموجود.
فالجاعليّة بهذا المعني مبدأ للجاعليّة بالمعنى الثاني ، كما تلك مبدأ لجوهر ذات المجعول ، ثمّ للجاعليّة الاضافيّة وليست بمتأخّرة في المرتبة عن إمكان ذات المجعول تأخّرا بالذات ، كما تلك متأخّرة عنه ووجوب ذات المجعول بعينه من تلقاء الجاعليّة الحقيقية وجوب سابق ، فالشيء ما لم يجب لم يتقرّر ، وما لم يجب لم يوجد. ثمّ اذا ما وقع في دائرة الفعلية لزمه وجوب لاحق يعرضه ويقال له الضرورة بشرط المحمول ، ولا يكون عقد فعليّ منسلخا عنه أصلا ، «فكل ممكن محفوف بوجوبين سابق ولا حق». والجاعليّات الحقيقيّة المتكثّرة الّتي هى بازاء خصوصيّات هويّات المجعولات المختلفة تنزّلات وتجلّيّات للجاعليّة الواحدة الحقّة التي هي عين ذات الجاعل الحقّ على الاطلاق ، وبالاضافة الى جميع المجعولات والمعلولات على قياس واحد ونسبة واحدة.
تفصلة فيها تبصرة
فاعلمن أنّ مطلق التاثير وهو عبارة عن الجعل والايجاد والافاضة عند الراسخين
__________________
والثانية : مرتبة تلك الجاعلية الحقيقة الأمرية : والقول بكونها واحدة بالعدد على خلاف ما اخترنا [ه] مختلّ الاساس. (نورى)
(٣) يس ، ٨٢.
(٤) فالجاعلية الحقيقية المسماة بالنور المحمّدى (ص) الفائض أوّلا وبالذات عن حضرة الذات الأحدية ، كما أنّها ايجاد وإفاضة لوجود الأشياء ، فهو كلّ ايجاب مسابق على وجودها ، وهي وجود الأشياء وصدق ايجادها في وجه ، وكذلك في باب الوجود والايجاب ، فلا تغفل! (نورى).