ورهط منهم يخصّون الابداع بالعقل الاوّل ، اذ لا يتقدّم عليه تقدّما بالذّات ، الّا ذات مبدعه القيّوم جلّ ذكره ، فهو الّذي [ب ـ ٤٢] قد أيّسه وأخرجه مبدعه الحقّ من الليس المطلق دون ما بعده من العقول في السلسلة الطوليّة لسبق المتوسّط عليه وان لم يكن المادة. وهذا المسلك فى الاصطلاح منقول «الشفاء» (١) فى الإلهيّات ومسلوك «الاشارات» في النمط السادس (٢).
والاختراع : جعل جوهر الذات واخراج إنّ الحقيقة وأيسها من جوف الليسيّة الذاتية وجوّ العدم الصريح الدهريّ مع سبق المادّة ، سبقا بالذات لا غير ، من غير سبق مدّة بشيء من أنواع السبق أصلا ؛ وانّما ذلك في الفلكيّات وكلّيات بسايط العناصر.
ومن ذهب (٣) وهمه الى القدم اعتبر فيه الإخراج من الليس الذاتي مع سبق المادّة بالذات من غير المسبوقيّة بعدم صريح دهريّ ، والذاهب الى التخصيص (٤) منهم يعتبر فيه التأسيس من اللّيس مع سبق الجوهر المفارق المتوسّط بالذات من غير مسبوقيّة بمادّة ومدّة ، ويقول ساير العقول بعد الصادر الاوّل مخترعات لا مبدعات.
والصنع : المتعلّق بالحوادث الكونيّة الزمانيّة ، هو جعل جوهر الذات الكائنة الحادثة ، واخراج نفس هويّتها في متن الواقع من جوّ الليس بحسب الحدوث الذاتي ، ومن كتم العدم الصريح بحسب الحدوث الدهري مسبوقا بالمادّة مسبوقيّة بالطبع (٥).
والتكوين : اخراج هويّة الحادث الكونيّ الكيانيّ من امتداد العدم ، وايقاع وجوده [الف ـ ٤٣] المكوّن في عضّة من الزمان مسبوقا بوجود مادّته الحاملة لا مكانه الاستعدادي ، وبزمان عدمه المستمرّ مسبوقيّة زمانيّة.
__________________
(١) «الشفاء» ، المقالة الثانية ، الفصل الثالث ، ص ٣٢٢.
(٢) «شرح الاشارات» ج ٣ / ٢٥٤.
(٣) سرّ عدم المنافاة : القدمة الزمانية عندهم سبق الليس المطلق المسمى بالليس الذاتى هو كون سبق الليس المعبّر عنه بالامكان الذاتى فى ظرف التعمّل الذهني ، لا في متن الدهر الواقع. (نورى).
(٤) أى : تخصيص الابداع بالعقل الأوّل (نورى).
(٥) التقدّم بالطبع هاهنا من كون التقدّم بالزمان غير موجّهة ؛ اللهم الّا بضرب من الاعتبار ، كما ذهب اليه فريق وهو الموجّه عندنا. (نورى)