لذاته ، ولا يمكن أن يكون وجود ، في مرتبة وجوده ، فضلا عن أن يكون فوقه ، ولا وجود غيره ليس هو المفيد ايّاه وقوامه ، فضلا عن أن يكون مستفيدا عن وجود غيره وجوده ؛ بل هو ذات هو الوجود المحض والحقّ المحض والوجود المحض والعلم المحض والقدرة المحضة والحياة المحضة من غير أن يدلّ بكلّ واحد من هذه [الف ـ ٤٤] الألفاظ على معني مفرد على حدة ؛ بل المفهوم منها (١) عند الحكماء معنى واحد وذات واحدة ، ولا يمكن أن يكون له مادّة (٢) ، أو يخالطه ما بالقوّة ، أو يتأخّر عنه (٣) شيء من اوصاف جلالته ذاتيا أو فعليّا.
وأوّل ما يبدع عنه عالم العقل وهو جملة تشتمل (٤) على عدّة من الموجودات ، قائمة بلا موادّ ، خالية عن القوّة والاستعداد ، عقول ظاهرة (٥) وصور باهرة ليس في طباعها أن تتغيّر أو تتكثّر أو تتحيّز ، كلّها مشتاق الى الأوّل والاقتداء به (٦) والاظهار لأمره ، واقف من قربه ، والالتذاذ (٧) بالقرب العقليّ منه سرمد الدهر على نسبة واحدة.
ثمّ العالم النفسي ، وهو مشتمل (٨) على جملة كثيرة من ذوات معقولة ، ليست مفارقة الموادّ كلّ المفارقة ، بل هي ملابستها نوعا من الملابسة ، وموادّها موادّ ثابتة سماويّة ، فلذلك هى أفضل الصور الماديّة وهي مدبّرات الأجرام الفلكية وبوساطتها للعنصرية ، ولها في طباعها نوع من التغيّر ونوع من التكثّر لا على الاطلاق ؛ وكلّها عشّاق (٩) للعالم العقليّ ، لكلّ عدة [ب ـ ٤٤] مرتبطة في جملة منها ارتباط بواحد من العقول المترتّبة ،
__________________
(١) خ ل : ومن الكلّ.
(٢) خ ل : في مادّة.
(٣) خ ل : عنه.
(٤) خ ل : جملة مشتمل.
(٥) خ ل : طاهرة.
(٦) خ ل : عشاق للأول وللاقتداء به.
(٧) خ ل : وملتذّ.
(٨) خ ل : يشتمل.
(٩) خ ل : مشتاق.