كان بعده نسبة الخلق والامور العنصريّة بما هي كائنة فاسدة نسبة التكوين. والابداع (١) يختصّ بالعقل ، والأمر يفيض منه الى النفس ، والخلق يختصّ بالموجودات الطبيعيّة ويعمّ جميعها ، والتكوين يختصّ بالكاينة الفاسدة منها.
واذا كانت الموجودات بالقسمة الكلّيّة إمّا روحانيّة وامّا جسمانيّة ، فالنسبة الكلّيّة للمبدإ الحقّ اليها (٢) أنّه الّذي له الخلق والأمر ، فالأمر متعلّق بكلّ ذى ادراك ، والخلق متعلّق بكلّ ذى تسخير ، وهذا هو غرضنا فى الفصل الأوّل» انتهى كلامه (٣).
وله في فصلين بعد هذا الفصل في تحقيق حقائق الحروف والخوض فى أسرار مقطّعات [ب ـ ٤٥] القرآن فحص موفور وسعى مشكور قد أوردنا ذلك في «الجذوات (٤) والمواقيت» وفي «تأويل المقطّعات» ، ونقدناه نقدا ، وبسطنا حقّ القول فيه بسطا.
استيقاظ
فإذن أمر الافاضة من الفيّاض الحقّ على الاطلاق بالنسبة الى شخصيّة النظام الجملي لجملة الموجودات بأسرها ، ولعالم الوجود كلّه ابداع ، وكذا بالنسبة الى عالم العقول المحضة ابداع وبالنسبة الى عالم المجرّدات ـ وهو مجموع العالم العقليّ والعالم النفسي ـ أمر ، وبالنسبة الى عموم عالم الجسمانيّات خلق وبالنسبة الى كيانيات الكائنة الفاسدة بما هي كائنة فاسدة على التخصيص.
ومن سبيل آخر الأمر الإلهي والنفس الرّحماني المعبّر عنه بقول «كن» في عالم
__________________
(١) فالابداع هو أمر الله المتوجّه الى العقل الكلّي القلمي ، والامر هو أمر الله المتوجّه بتوسط العقل القلمي الى لوح النفوس الكلية وصورها العقلية التي هي العقول المدبّرة والجواهر الروحية الكلية المتعلّق كلّ منها بنوع من الأنواع الخلقية ، علوية أو سفلية. والأمر المتوجّه بتوسّط هذه العقول المدبّرة هو الخلق أو الصنع المتعلّق بالموجودات الطبيعيّة مطلقا ، والأمر المتوجّه الى الموادّ المستعدة يكون بعد ان لم يكن وهو خاصيّة العنصريات. (نورى)
(٢) خ ل : الى المبدأ الحقّ الأوّل لها.
(٣) «رسالة النيروزية» ، ص ٩٣ ، ذيل مجموعة «تسع رسائل» ، طبع مصر.
(٤) راجع : «الجذوات» ، الجذوة العاشرة في علم ارثماطيقي ، ص ٨١ وبعدها.