بحسب مرتبة المائيّة الاسميّة الشارحة [ب ـ ٤٦] للاسم ، والصادر نفس جوهرها الصائر بالصدور مائيّة حقيقيّة ، فالحروف والاعداد كأنّها ذهن الأعيان وضمير الواقع ومتخيّلة الخارج ، فاذ انطبعت وتمثّلت الماهية فيها استتبع ذلك حصولها بعينها في متن الواقع وفي نفس الامر خارج الذهن ، وهذا أحد أسباب استثمار الأدعية والأذكار لإيعاء (١) البغية (٢) فى وعاء الحصول.
ولقد أسّسنا في مظانّه في غير موضع واحد من صحفنا وكتبنا أنّ الوجوب والايجاب متحدان (٣) بالذات ، متغايران بالاعتبار. فالصدور بما هو ايجاب وايجاد من نعوت ذات الجاعل وشؤونه ، وهو أمر آلهىّ ونفس رحمانىّ يعبّر عنه بقول «كن» ، وبما هو وجوب ووجود وحصول ، فهو أثر للجاعل ، ومنسوب الى ذات المجعول ، كما الفعل والانفعال والحركة متّحدة بالذات متغايرة بالاعتبار.
ومن لطائف الأسرار أنّ من باب تطابق العوالم الوجوب والايجاب بحسب درجات الحروف متّحدان بالعدد ، وكذلك الوجود والايجاد ، واذا ادخلت الالف واللّام على كلّ منهما للتعريف حصل عدد كون حرف أبواب كتاب عالم الامكان بأجمعها وهو أيضا عدد مجموع الحروف والنقاط في العالم الحرفي أعني : الخمسين ،
__________________
[أيضا منه] : هذا انّما يستقيم على مذهبه ويتوجّه على مذاقه ومشربه ـ نوّر الله ضريحه المطهّر ـ وأمّا حقيقة الأمر كما هو عليه فهي أدقّ وأعمق وأغمض وألطف فما يتيسّر بينها لكلّ أحد ، اللهم الّا على الأوحدى الوحيد في الاعصار ، فاعتبروا يا أولى الابصار! (نورى).
[أيضا منه] : بل المخاطب عندنا وعند إخواننا هو نفس جوهريات الماهيات الجوازية ، والأعيان الثابتة التي هي عنده ـ قدّس الله روحه المقدّس ـ نفس الآثار المجعولة بالذات ، المرتّبة على قول «كن» وكون المخاطب أنفس جوهريات الماهيات قبل صدورها ووجودها بأمر بارى الكل تعالى في العين الوجودى ، والواقع الموجود يتصحّح به كون الامكان من الصفات السابقة على الوجوب ، والوجود في حقّ الممكن ، وأمّا على مشربه ـ قدّس سره ـ فلا مجال لتلك السابقية الّا في التعمّلات الذهنية ، كما تقرر عند جمهور المتفلسفة. (نورى).
(١) الايعاء : الجمع ، الحفظ.
(٢) البغية : الطلب.
(٣) اللهم الّا على تكلّف القول باختلاف نفس جوهر الماهية شدة وضعفا حسب اختلاف وتفاوت ما في المائية الشارحة والمائية الحقيقية ، والجوهر واحد والتفاوت يتقرّر بالشدة والضعف ، هذا غاية ما تيسّر لى في توجيه مشربه هاهنا ، ففيه ما فيه. (نورى).