هذا ما ذهب اليه شريكنا السالف (١) وقلّده فيه الأتباع والمقلّدون ، [ب ـ ٥١] وعندي أنّ هذا المذهب ليس برصين (٢) وأنّ عيار سبيكته (٣) غير وزين ولا رزين (٤) ، والصراط السوىّ هو : أنّ «ا» لمّا كانت مرتبتها الواحد بالعدد الذي هو مبدأ الأعداد والوحدة العدديّة الّتي من تكرّرها تحصل حقيقة الكثرة ، والبارئ الواحد الحقّ سبحانه متعالى العزّ والجلال عن أن يوصف ذاته الحقّه الأحديّة بوحدة عدديّة ، بل الوحدة العدديّة قصاراها أنّها ظلّ الوحدة الحقّة الحقيقيّة.
فاذا «ا» انّما رتبتها أن يدلّ بها على القيّوم الحقّ بحسب مرتبة جاعليّة الحقيقيّة سبحانه ، وأمره الابداعيّ جلّ سلطانه بما أنّ نفس مرتبة ذاته القيّوميّة الوجوبيّة يلزمها وينبعث عنها ذلك ، لا من حيث اعتبار النسبة الى ما يصدر عن ذاته بذاته ويترتّب على محوضة أمره وصرافة ابداعه ، أعنى جوهر الذات الّتي هي أجمل مبدعاته وأوّل [الف ـ ٥١] مجعولاته.
ثمّ «ه» اذ أنّها على ما قد تعرّفت من الجهات والحيثيّات وتشكّل صورتها الرقميّة من تطوّر «ا» على صورة القطر وقوسين متّصلتين هما نصفا الدائرة عن جنبتيها اليمين والشمال ، وصورة رقمها العددي عند الحكماء على هيئة قوسين مرسومتين على «ا» في جهتى العلو والسفل ، فلوحظت بما هي كذلك وجعلت حرف إفاضة الذوات وايجاد الممكنات ، فدلّ بها على أمر الإفاضيّ والجاعليّة والايجاديّة ـ أى النفس الرحماني والقول الفعّالي ـ على الضروب الأربعة : الابداع والاختراع والصنع والتكوين بالنسبة الى عالمى الأمر والخلق بما فيها من المراتب الخمس في السلسلة البدئيّة ، والمراتب الخمس فى السلسلة العوديّة جميعا بالنّظر الى نفس ذات الباري الفاطر على الاطلاق ، اذ
__________________
(١) لقد فصّل القول فيه الشريك الرئيس فى النيروزيّة فى فصلين ، وبنى عليه بعض أعلام المتأخرين من المقلّدين في رسالة تفسير آية الكرسى. (منه).
وهو العلامة الخفرى كما صرّح به في «الجذوات». (النورى)
(٢) رصين : محكم ، ثابت.
(٣) السبيكة : القطعة من فضّة أو ذهب ذوبت وأفرغت في قالب.
(٤) الرزين : الأصيل الرأى.