وفي «شرح تقدمة تقويم الإيمان» (١) ، وعن كلّ واحد منهم ـ عليهمالسلام ـ نصوص قاطعة وتنصيصات بأنّه على امامتهم واحدا بعد واحد إلى قائمهم الحجّة ، (٢) فكيف تسوغ الرواية عن أبي عبد الله الصادق ـ عليهالسلام ـ أنّه جعل اسماعيل القائم مقامه بعده.
وإنّما تلك الرواية على الوجه الذي أورده عروة الإسلام الشيخ الفقيه الرواية الصدوق أبو جعفر بن بابويه القمّي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتاب «التوحيد» حيث قال في باب البداء [ب ـ ٥] بهذه الألفاظ : «ومن ذلك قول الصادق ـ عليهالسلام ـ ما بدا لله أمر (٣) كما بدا له في اسماعيل ابني ، يقول ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني اذ اخترمه (٤) قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي. وقد روى لي من طريق أبي الحسين الأسدي ـ رضى الله عنه ـ في ذلك شيء غريب ، وهو أنّه روى أن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل [أبي] إذا أمر أباه [إبراهيم] بذبحه ثمّ فداه بذبح عظيم. وفي الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر إلّا أنّي أوردته لمعنى لفظة البداء ، والله الموفّق للصّواب.» انتهى (٥).
فأمّا حديث التقيّة ، فالناقد هناك مصيب ، فالتقيّة فيما يبوء (٦) بفساد بيضة السنّة وانطماس (٧) شرعة الإسلام ، ولا في الامور العظيمة الدينيّة أصلا ، ولا سيّما للمشهورين في العلم ، المقتدى بهم في الدين ، وكذلك لا تقيّة في الدماء المحقونة ، ولا في سبّ النبيّ أو أحد من الأئمّة أو الأنبياء والبراءة عنهم أو عن دين الإسلام ، أعاذنا [الف ـ ٦] الله تعالى من ذلك كلّه. إنّما التقية فيما الخطب (٨) فيه سهل من الأعمال والأقوال لمن يخاف على نفسه أو على أمله وأصحابه ، وما يؤتى به من الوظائف الدينيّة والسنن الشرعيّة تقيّة يجب
__________________
(١) راجع : «شرح تقدمة تقويم الإيمان» ، ص ٤٧.
(٢) راجع لتفصيل أحاديثها وأسانيدها : «العوالم» ، ج (١٥ / ٣) ، في النصوص على الأئمّة الاثنى عشر.
(٣) في المصدر : «ما بدا الله بداء».
(٤) اخترم : أهلك ، أخذ.
(٥) «التوحيد» ، ص ٣٣٦ ، ح ١١ ـ ١٠.
(٦) يبوء : يرجع.
(٧) انطماس : انمحاء.
(٨) الخطب : الشأن.