والأوزاعي والشافعي وأبو ثور (١) ـ إذا كان يقرأ ما يحتاج إليه في الصلاة صحيحا ، لأنّ القراءة التي يحتاج إليها في الصلاة محصورة وهو يحفظها ، وما يحتاج إليه من الفقه غير محصور ، فإنه قد ينوبه في الصلاة أمر يحتاج إلى الفقه في معرفته فكان أولى كالإمامة الكبرى والحكم.
ثم تأوّلوا الخبر : بأنّ الصحابة كانوا إذا تعلّموا القرآن تعلّموا معه أحكامه.
قال ابن مسعود : كنّا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها ، فكان أقرؤهم لكتاب الله أفقههم (٢).
والاعتراض : اللفظ عام ، فالعبرة به لا بخصوص السبب ، وتتمّة الحديث تنافيه ، وهو : قوله عليهالسلام : ( فإن استووا فأعلمهم بالسنّة ).
إذا ثبت هذا فإنّ أحد القارئين يترجّح على الآخر بكثرة القرآن ، فإن تساويا في قدر ما يحفظ كلّ منهما وكان أحدهما أجود قراءة وإعرابا ، فهو أولى ، لأنّه أقرأ ، وإن كان أحدهما أكثر حفظا ، والآخر أجود قراءة ، فهو أولى ، والوجه أن المراد من قوله عليهالسلام : ( أقرؤهم ) : أجودهم قراءة.
مسألة ٥٨٢ : إذا تساووا في القراءة ، قدّم الأفقه عند أكثر علمائنا (٣) ـ وهو قول الجمهور (٤) ـ لقوله عليهالسلام : ( فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة ) (٥).
__________________
(١) المدونة الكبرى ١ : ٨٣ ، الشرح الصغير ١ : ١٦٣ ، المجموع ٤ : ٢٨٢ ، فتح العزيز ٤ : ٣٣٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٧ ، المغني ٢ : ١٦ ـ ١٧ ، الشرح الكبير ٢ : ١٨.
(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ١٨.
(٣) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٥٧ ، والمحقق في المعتبر : ٢٤٤ ونقله أيضا عن الشيخ المفيد.
(٤) المغني ٢ : ١٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٧.
(٥) أوعزنا إلى مصادره في المسألة السابقة (٥٨١).