وكذلك القول في الأخلاق الّتي هي مبادؤها.
وعلى هذا القياس المؤلمات ، فإنها ليست بشرور من حيث إنها أمور خاصة ، ولا من حيث وجوداتها في أنفسها ، أو صدورها عن مبدئها ، إنّما هي شرور بالإضافة إلى المتألّم الفاقد لاتّصال عضو من شأنه أن يتّصل مثلا.
فهذه الوجودات ليست من حيث هي وجودات بشرور ، إنّما هي شرور بالقياس إلى الأشياء العادمة كمالاتها ، لا لذواتها ، بل لكونها مؤدية إلى تلك الأعدام ، فشرّيتها المجازية أيضا إنّما هي بالإضافة إلى أشخاص معيّنة ، وأمّا في أنفسها فليست بشرور ، كيف والشيء لا ينافي نفسه؟ وكذلك بالقياس إلى أشخاص أخر لا تنافيها ، وهو ظاهر.
وأمّا الخيرات فقد تكون حقيقية ، وقد تكون إضافية.
سؤال : نحن نعلم بالوجدان أن في الألم الّذي هو نوع من الإدراك الراجع إلى نحو من الوجود يحصل شرّان : أحدهما بالعرض ، وهو الأمر العدمي ، كقطع العضو ـ مثلا ـ أو زوال الصحّة. والآخر بالذات ، وهو الأمر الوجودي الّذي هو نفس الألم ؛ إذ لا شكّ أن تفرّق الاتصال شرّ ، سواء أدرك ، أو لم يدرك.
ثمّ الألم المترتب عليه شرّ آخر بيّن الحصول ، لا ينكره عاقل حتّى لو كان التفرّق حاصلا بدون الألم لم يتحقّق هذا الشر الآخر ، ولو فرض تحقق هذا الألم من غير حصول التفرّق لكان الشرّ بحاله ، فثبت أنّ نحوا من الوجود شرّ بالذات.
جواب : الألم إدراك للمنافي العدمي ، كتفرّق الاتصال ونحوه بالعلم الحضوري ، وهو الّذي يكون العلم فيه هو المعلوم بعينه ، لا صورة أخرى حاصلة منه ، فليس في الألم أمران أحدهما مثل التفرّق والقطع ، والثاني صورة حاصلة منه عند المتألّم يتألم لأجلها ، بل حضور ذلك المنافي العدمي هو الألم بعينه ، فهو