في الغنى والفقر
(وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) (١)
أصل
الغنا : هو استقلال الشيء بذاته ، في كلّ ما له ، من غير تعلّق له بالغير أصلا ، ويرجع إلى ضرورة الوجود الذاتية المسماة بالوجوب الذاتي ، وهي كون الشيء بحيث ينتزع عن نفس ذاته بذاته الموجودية ، ويحكم بها عليه ، مع قطع النظر عن جميع ما عداه ، ويسمى صاحبها الغنيّ بالذات ، والواجب بالذات.
والفقر : هو عدم استقلال الشيء بذاته ، وتعلّقه بالغير ، ولو في شيء ما ، ويرجع إلى لا ضرورة الوجود ، ولا العدم بالذات ، المسماة بالإمكان الذاتي ، وهي كون الشيء بحيث لا ينتزع عن نفس ذاته الموجودية بذاته ، بل بحسب إعطاء الغير ذلك ، فيفتقر في هذا الانتزاع إلى ملاحظة ذلك الغير ، ويسمى صاحبها المستغني بالغير ، والواجب بالغير.
وقد تكون ضرورة الوجود بالنظر إلى الغير ، بأن يستدعي الغير وجود الشيء استدعاء أعمّ من الاقتضاء ، ومرجعه إلى أن الغير تأبى ذاته إلّا أن يكون للشيء ضرورة الوجود ، سواء كان باقتضاء ذاتي ، أو بحاجة ذاتية ، ووجود
__________________
(١) ـ سورة محمّد ، الآية ٣٨.