وجودها ، وصفات وجودها ، باعتبار العقل ، فمرجعه إلى أنها لو انقلبت من التقديرية إلى الحقيقة المستقلة بحسب الفرض الجائز ، أو المستحيل ، كان الإمكان أو الامتناع من اعتباراتها ، لا أنها في حال عدمها بما هي عدم موصوفة بأحدهما.
كيف ، والمعدوم ليس بشيء؟ فإما تجويز كون الشيء مكوّن نفسه ، ومقرّر ذاته ، مع بطلانه الذاتي ، فلا يتجشّمه ذو مسكة ، على أنّه يلزم أن يكون الشيء الواحد مفيدا لوجود نفسه ، ومستفيدا عنه ، فيلزم تقدّمه بوجوده على وجوده.
وصل
وما لم يبلغ الرجحان الخارجي إلى حدّ الوجوب ، أو الامتناع ، لم يوجد الممكن ، ولم ينعدم ؛ لأنّ وقوع أحد الطرفين مع ذلك الرجحان ، إمّا ممكن ، أو واجب ؛ إذ لا وجه للامتناع ، فإن كان ممكنا عاد الكلام في سبب ترجّحه ولا يقف ، بل يؤدي إلى الافتقار بعد كلّ سبب إلى سبب آخر لا إلى نهاية ، ويلزم منه أيضا أن لا يكون ما فرض سببا بسبب ، وهو محال ، فإذن وقوعه مع الأولوية واجب.
وأيضا وقوع الطرف الآخر مع مرجوحيته غير جائز ، وإلّا لزم ترجّح المرجوح ، فوقوع الراجح واجب ، فالوجوب منتهى سلسلة الإمكانات ، والغني بالذات مرجع الفقراء ، ومن هنا قيل : إن وجوب الشيء قبل إمكانه ، وفعليته قبل قوّته.