أصل
الماهية قد تؤخذ وحدها ، بأن يتصوّر معناها فقط ، بحيث يكون كلّ ما يقارنه زائدا عليه ، منقسما إليه ، فإذا اعتبر المجموع من حيث المجموع كانت الماهية جزء له ، متقدّمة عليه في الوجود ، فيمتنع حملها عليه ، لانتفاء شرط الحمل ، وهو الاتحاد في الوجود ، فهي بهذا الاعتبار نوع عقلي في نفسها ، ومادّة بالقياس إلى ما يقارنها ، إن كانت متقوّمة به ، غير متحصّلة بدونه ، وهو صورة بالقياس إليها بشرط أن يؤخذ وحده ، وإن لم تكن متقوّمة به ، سواء كانت متحصّلة في نفسها ، أو غير متحصّلة ، فهي موضوع بالقياس إليه ، وهو عارض لها.
وقد تؤخذ من حيث هي هي ، من غير اشتراط قيد عدمي ، أو وجودي ، مع تجويز كونها مع قيد ، أو مع عدم قيد ، فيحتمل صدقه على المأخوذة مع قيد ، وعلى المأخوذة مع عدمه.
والماهية المأخوذة كذلك ، المحتملة للقسمين ، قد تكون غير متحصّلة في نفسها عند العقل ، بل قابلة لأن تكون مشتركة بين أشياء متخالفة المعاني ، بأن يكون عين كلّ منها ، وإنما تتحصّل ممّا ينضاف إليها ، فتخصّص به ، وتصير بعينها أحد تلك الأشياء ، فتكون بهذا الاعتبار جنسا لتلك الأشياء ، وهي أنواع لها ، والمنضاف إليها الّذي قوّمها وجعلها أحد تلك الأشياء ، فصل لها.
وقد تكون متحصّلة في ذاتها ، غير مفتقرة إلى ما يحصّلها معنى معقولا ، بل تفتقر إلى ما يجعلها موجودة في الحسّ فقط ، فهي في نفسها نوع ، سواء كان بسيطا ، أو مركّبا ، إلّا أن البسيط إنّما يفرض فيه العقل هذه الاعتبارات بالتعمّل ، وأمّا في الوجود فلا امتياز فيه.