في المتقدّم والمتأخّر
(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) (١)
أصل
التقدّم : زماني ، كما لإبراهيم على محمّد عليهماالسلام ؛ وشرفي ، كما للعالم على الجاهل ؛ وطبعي ، وهو تقدّم العلّة الناقصة على المعلول ، أي تقدّم ما يمتنع بعدمه وجود المعلول ، ولا يجب بوجوده وحده ، كتقدّم الواحد على الاثنين ؛ ورتبي ، سواء كان بحسب الوضع ، كتقدّم الإمام على المأموم ، إذا اعتبر المحراب ، وبالعكس ، إذا اعتبر الباب ، أو بحسب الطبع ، كتقدّم العموم إذا ابتدأت من الجوهر هابطا إلى الإنسان ، وإذا عكست الأمر رجع المتقدّم متأخّرا ، أو علّيّ ، كتقدّم العلّة الكاملة على معلولها ، ويقال له وللطبيعي الذاتي.
وزاد أستاذنا ـ دام ظله ـ قسمين آخرين ، هما التقدم بالحقّ ، والتقدّم بالحقيقة.
والأوّل ما للحقّ باعتبار تجلّيه في أسمائه ، وتنزّله في مراتب شؤونه الّتي هي أنحاء وجودات الأشياء ، فإنّ له بهذا الاعتبار تقدّما وتأخّرا بذاته ، لا بشيء آخر ، فلا يتقدّم متقدّم ، ولا يتأخّر متأخّر إلّا بحق لازم ، وقضاء حتم.
__________________
(١) ـ سورة الحجر ، الآية ٢٤.