فصل
حدوث الأشياء الزمانية على ثلاثة أنحاء :
لأنّها إمّا أن تحدث دفعة في آن من الآنات ، فينطبق حدوثها لا محالة على ذلك الآن، كالوصول والمماسة والانطباق ونحوها.
وإما أن تحدث في مجموع زمان معيّن على نحو الانطباق عليه ، بحيث تنفرض فيها الأجزاء بإزاء ما ينفرض من الأجزاء في ذلك الزمان ، فيكون وجود كلّ جزء منها في جزء معيّن من الزمان ، كالحركة بمعنى القطع ، كما يأتي ، بل الطبائع كلها على ما سيتبيّن ، ومثل هذا الحادث بقاؤه عين حدوثه.
وإما أن تحدث في جميع الزمان ، لا على نحو الانطباق عليه ، بل بأن يوجد في كلّ جزء ينفرض في ذلك الزمان ، ولا يلزم أن يكون لمثل هذا الحادث آن يكون أوّل آنات وجوده ، والحدوث لا يستلزم ذلك ، فإنّ الحادث ما يكون زمان وجوده مسبوقا بزمان عدمه ، سواء كان لحدوثه أوّل آني ، أو لا.
ومن هذا القبيل وجود الحركة بمعنى التوسط ، كما يأتي ، وكذا الآن والسيّال الّذي هو الموجود من الزمان ، وحدوث الزاوية وأشباهها.
وقياس العدم الحادث كقياس الوجود الحادث في تثليث الأقسام ، لكن ليس نحو عدم كلّ حادث كنحو حدوثه ، فإنّ وجود الآن الّذي هو طرف الزمان على النحو الأوّل ، وعدمه على النحو الثالث ، وكذا اللاوصول ، واللامماسة ، واللاانطباق ، والفساد وأمثالها.