المادّة ؛ وذلك لأنّ المادّة أمر بالقوة ، مبهمة الذات والحقيقة ، يكفي في تشخّصها مطلق الصور.
وأمّا الجسم بما هو جسم فهو ماهية نوعية ، تفتقر في تشخّصها إلى صورة مخصوصة ، فزوال الصورة المخصوصة يوجب زوال الجسم ، ولا يوجب زوال المادّة مادام يبقى مطلق الصور.
وصل
وممّا يدلّ على تقدم هذه الصورة على الجسمية والمادّة الأولى أنها لو كانت متأخّرة لزم أن يكون الجسم ـ بما هو جسم ، أي غير مأخوذ فيه إلّا المادّة والصورة الامتدادية ـ أمرا قائما بالفعل ، ثمّ يلحقه كونه على مقدار خاصّ ، وشكل خاص ، ومكان خاصّ ، وغير ذلك ، وهذا محال ؛ إذ مقتضى الجسم بما هو جسم مكان مطلق ، وشكل عام جنسي ، ومقدار كذلك.
وبالجملة : مقتضاه من كلّ صفة أمر عام ، لا وجود له إلّا في الذهن ، فكيف يوجد في الخارج قائما بالفعل من دون اقتران بالخصوصيات؟
ولا يجوز أيضا أن تكون الصورتان متكافئتين ، من غير تقدّم وتأخّر لإحداهما بالنسبة إلى الأخرى ؛ إذ يلزم منه أن تقوّم المادّة البسيطة صورتان ، كلّ منهما على انفرادها ، مع أن في تقويم إحداهما غني عن تقويم الأخرى ، إذا كانتا في درجة واحدة ، وإذ ثبت تقدم هذه الصورة في الجعل والوجود على الجسم بما هو مادّة متّفقة الحقيقة في الكلّ ، فلا يرد السؤال بأن المادّة أمر واحد ، فكيف اختصّت بصورة نوعية دون أخرى؟