في الحركة والسكون
(وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) (١)
أصل
كل ما له جهتا قوّة وفعل ، فله من حيث كونه بالقوة أن يخرج إلى الفعل بغيره ، وإلّا لم تكن القوّة قوّة.
وهذا الخروج إمّا بالتدريج ، أو دفعة ، والأوّل معنى الحركة ، ويقابله السكون تقابل العدم والملكة.
ثم الحركة لكونها صفة لا بدّ لها من قابل ، ولكونها حادثة ، بل حدوثا ، لا بدّ لها من فاعل ، ولا بدّ من أن يكونا متغايرين ؛ لاستحالة كون الشيء فاعلا وقابلا ، فعلا وقبولا تجدديين ، وكون معطي الكمال قاصرا عنه ، فالمحرّك لا يحرّك نفسه ، بل شيئا لا يكون في نفسه متحرّكا ، لتكون حركته بالقوة ، فقابل الحركة أمر بالقوة ، وفاعلها أمر بالفعل ، إمّا من هذه الجهة ، وإما من كلّ جهة ، ولا محالة منتهى جهات الفعل إلى ما هو بالفعل من كلّ وجه ؛ دفعا للدور ، والتسلسل.
كما أن جهات القوّة ترجع إلى أمر بالقوة من كلّ وجه ، إلّا كونه بالقوة ؛ دفعا لهما.
__________________
(١) ـ سورة النمل ، الآية ٨٨.