وإذا كان بعدا لم يجز أن يكون عرضا ؛ لتوارد المتمكّنات عليه ، ولا ماديا ، وإلّا يلزم تداخل الجواهر المادية.
فهو إمّا السطح الباطن من الجسم الحاوي ، المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي ، وإما البعد المجرّد المنطبق على مقدار الجسم بكلّيته ، ولا استبعاد في وجود البعد المجرّد بعد التصديق بوجود الصور الخيالية والمنامية المعلومة بالضرورة ، وأن في الوجود عالما مقداريا محيطا بهذا العالم ، لا كإحاطة الحاوي للمحوي ، بل كإحاطة الطبيعة للجسم ، والروح للبدن ، كما مرّت الإشارة إليه ، وسيأتي البرهان عليه ، غاية الأمر أن ذلك ممّا ليس بقابل للإشارة الحسية ، والمكان قابل لها بتبعيّة المتمكّن ، ويتعيّن بتعيّنه ، ولا ضير في ذلك.
وأمّا حديث امتناع التداخل فقد عرفت أن ذلك مختص بالمادّيات.
وأيضا فإذا توهّمنا خروج الماء من الإناء ـ مثلا ـ وعدم دخول الهواء فيه يلزم أن يكون البعد الثابت بين أطراف الإناء موجودا.
وأيضا فإنّ كون الجسم في المكان ليس بسطحه فقط ، بل وبحجمه ، فيكون كالجسم ذا أقطار ثلاثة ، فهو إذن ليس إلّا البعد.
أصل
كل جسم فله حيّز طبيعي من ربّه ، يطلبه عند الخروج عنه بأقرب الطرق ؛ لأنا إذا لا حظنا الجسم وقطعنا النظر عن تأثيرات الأمور الخارجة عن ذاته لكان في حيّز معيّن لا محالة ، وإذ لا قاسر فهو إنّما يستوجبه لذاته وطبيعته المستفادة من ربّه.