الشمال (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ* وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) (١) ، وهؤلاء إنّما يتعذّبون في دار أخرى هي من جنس النشأتين الأوليين ، خلقت بالعرض لا بالذات ، كما يأتي تحقيقه. بخلاف الأولين فإنّ السابقين يتنعّمون أينما كانوا ، وأصحاب اليمين يتنعّمون في دارهم المختصة بهم.
وقد يطلق الغيب والملكوت على ما يشمل الأوليين ، والجبروت على صفات الله وأسمائه ، ويقيد الملكوت بالأعلى والأسفل.
ولنفصّل هذا الإجمال تفصيلا بليغا ، ثمّ لنبرهن على النشآت ، ومن الله التأييد.
وصل
أما النشأة العقلية فهي نشأة الحياة الحقيقية ، والبقاء الأبدي ، والخير المحضّ ، والنور الصرف ، والظهور التام ، والإدراك البحت ، أهلها كلهم علماء حضور بعضهم لدى بعض (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (٢) ، ينظر إليهم ، وينظرون إليه ، بعيون القلب ، وهم الملائكة المقرّبون ، وأهل السعادة الحقيقية الكاملة ، من الناس (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٣) ، لا غيبة هناك ، ولا فقد أصلا بوجه من الوجوه ، وهي نشأة وحدانية لكلّ ما له ماهية نوعية ، وفيها ترجع الأشياء كلها
__________________
(١) ـ سورة الواقعة ، الآية ٤٢ و ٤٣.
(٢) ـ سورة القمر ، الآية ٥٥.
(٣) ـ سورة النساء ، الآية ٦٩.