إلى وجود تام كاملي ، لا كثرة فيه ، ولا تغيّر ، كما قال الصادق عليهالسلام في شأن الأئمةعليهمالسلام : «علمنا واحد ، وفضلنا واحد ، ونحن شيء واحد» (١).
وقال : «وكلّنا واحد عند الله» (٢).
وهذه النشأة لغاية شرفها ونقائها وعلوّها وبعدها عن إقليم نفوسنا المتعلّقة بالاجرام ، لم يتيسّر لنا في هذا العالم أن نشاهدها مشاهدة تامة نورية ، ونراها رؤية كاملة عقلية ، لا لحجاب بيننا وبينها ، أو منع من جهتها ، بل لقصور نفوسنا وعجزها ، وضعف إدراكها ؛ وذلك لأنّ الإدراك التام ـ كما دريت ـ لا يحصل إلّا باتّحاد المدرك بالمدرك ، فما دام لم يحصل لنفوسنا الاتّحاد بتلك الموجودات ، فلا جرم إنّما نشاهدها مشاهدة ضعيفة ، مثل من أبصر شخصا من بعد ، أو في هواء مغبر ، فيحتمل عنده أشياء كثيرة ، فكذلك تلك الصور تحتمل عندنا الكلية ، والإبهام ، والاشتراك ، بالنسبة إلى أشخاص هي أفعالها ومعاليلها ، وتتّحد معها ضربا من الاتحاد.
وصل
وكان إلى هذه النشأة العقلية أشار سيّد العابدين عليهالسلام حيث قال : إنّ «في العرش تمثال جميع ما خلق الله ، من (٣) البرّ والبحر ، قال : وهذا تأويل قوله
__________________
(١) ـ بحار الأنوار : ٢٦ : ٣١٧ ، ح ٨٢.
(٢) ـ غيبة النعماني : ٨٥ ، ح ١٦.
(٣) ـ في المصدر «في» بدل «من».